ضجّت المنصات التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بنقاشات واسعة، عقب تسريبات من صحف أميركية عن “حالة تأهب قصوى” داخل شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI)، بعد تحديث غوغل الأخير لروبوت محادثة ذكي. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي ومكانة الشركات الرائدة فيه، خاصة مع تصاعد المنافسة.
مخاوف “أوبن إيه آي” ظهرت جليّة في مذكرة سرية لرئيسها التنفيذي سام ألتمان حذر فيها من التهديد الذي يشكله تحسين روبوت المحادثة الذكي المنافس على مستقبل الشركة. يأتي هذا الاستنفار ليس كإجراء روتيني، بل كتحدٍ مباشر فرضته المنافسة الشرسة مع شركة “غوغل” وتطبيقها المطور “جميناي 3” (Gemini 3).
تأثير “جميناي 3” على سوق روبوتات المحادثة الذكية
وبحسب بيانات شركة “سيميلر ويب” (Similar Web) الأميركية، تسبب إطلاق “جميناي 3” قبل أسبوعين في انخفاض عدد زوار “شات جي بي تي” (ChatGPT) من 200 مليون إلى 191 مليون زيارة أسبوعيا، مسجلا خسارة تصل إلى 9 ملايين زيارة، أي ما يعادل 4.5% من إجمالي الزيارات. هذا الانخفاض يشير إلى أن المستخدمين بدأوا في استكشاف البدائل المتاحة.
وتشير تقارير موسعة لشركة “سنسور تاور” (Sensor Tower) المتخصصة في الاقتصاد الرقمي، إلى أن نمو مستخدمي “شات جي بي تي” بدأ يتباطأ رغم تصدره السوق عالميا، في ظل تقدم متسارع لمنافسه “جميناي” الذي حقق نموا في عدد المستخدمين النشطين شهريا بنسبة 30%، مع زيادة ملحوظة في مدة الاستخدام داخل التطبيق. هذا النمو يعكس قدرة “جميناي” على جذب المستخدمين والاحتفاظ بهم.
وفي السياق التقني، وضعت منصة “إل إم-أرينا” (LM-Arena) العالمية لاختبارات أداء الذكاء الاصطناعي، نموذج “جميناي 3” في الصدارة متفوقا على جميع منافسيه، وفي مقدمتهم “شات جي بي تي”، لا سيما في معايير قوة الاستدلال العام والخبرة. هذا التفوق في الأداء يمثل نقطة تحول محتملة في السوق.
ميزات “جميناي 3” ومقارنة مع “شات جي بي تي”
يتميز “جميناي” بتفوقه في فهم الصور والفيديو بفضل نموذجه متعدد الوسائط، وتقديم إجابات أدق مدعومة بالأدلة، فضلا عن توفير مزايا مجانية أوسع وسعر أرخص للفئة المتقدمة (125 دولارا مقابل 200 دولار لمنافسه). هذه الميزات تجعله خيارا جذابًا للمستخدمين الذين يبحثون عن أداء متقدم وقيمة أفضل.
في المقابل، لا يزال “شات جي بي تي” يتفوق في سرعة الاستجابة، وواجهته الحوارية البسيطة، وقدرته على توليد نصوص إبداعية بصياغة أكثر “أنسنة”. هذه الميزات تجعله مفضلا لدى المستخدمين الذين يركزون على سهولة الاستخدام والإبداع.
آراء المستخدمين حول المنافسة
ورصدت منصات التواصل الاجتماعي تباينا كبيرا في آراء المستخدمين حول “حالة الطوارئ” التي رفعتها “أوبن إيه آي”، وانقسمت الآراء بين منبهر بالقدرات العلمية لـ”جميناي”، وبين متمسك بـ “شات جي بي تي” لسهولته وسرعته. هذا التباين يعكس تنوع احتياجات المستخدمين وتفضيلاتهم.
ورأى بعض المستخدمين أن نموذج غوغل يتفوق بمراحل في المجالات العلمية، بينما اعتبر آخرون أن “جميناي” يفتقر لسرعة البديهة التي يتمتع بها منافسه. كما أجرى بعض الناشطين اختبارات عملية للقدرات المنطقية للنموذجين، مشيرين إلى تفوق “جميناي” في اكتشاف الأخطاء المنطقية.
أشار آخرون إلى أنهم يستخدمون كلا النموذجين للحصول على أفضل نتيجة، مؤكدين أن البداية تكون دائما مع “شات جي بي تي” لقدرته على فهم المتطلبات بسرعة. هذا النهج يوضح أن المستخدمين قد يجمعون بين نقاط القوة في كلا النموذجين لتحقيق أهدافهم.
مستقبل المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي
وتخطط شركة “أوبن إيه آي” لردها الأول على هذا الصعود القوي من خلال تحديث “شات جي بي تي 5.2” (ChatGPT 5.2) المتوقع إطلاقه خلال الأيام المقبلة. هذا التحديث يهدف إلى تعزيز قدرات “شات جي بي تي” ومواجهة التحدي الذي يمثله “جميناي”.
سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يعد الصراع فيه ثنائيا فقط، إذ سجلت تطبيقات محادثة أخرى نموا هائلا خلال عام 2025. هذا التوسع في السوق يشير إلى أن المنافسة ستزداد حدة في المستقبل، مما سيفيد المستخدمين من خلال توفير المزيد من الخيارات والابتكارات.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة تطورات متسارعة في هذا المجال، مع إطلاق المزيد من النماذج والتقنيات الجديدة. سيكون من المهم مراقبة أداء الشركات الرائدة وتقييم تأثير هذه التطورات على المستخدمين والصناعة بشكل عام.






