شارك المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، في فعاليات “منتدى أعمال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية” الذي عُقد في مراكش بالمغرب. يأتي هذا في إطار جهود مصر لدعم وتعزيز التجارة الحرة القارية الأفريقية، وتسريع وتيرة الاندماج الاقتصادي في القارة السمراء. وقد استعرض الوزير رؤية مصر وأولوياتها للمرحلة القادمة، مؤكدًا أهمية تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع لتحقيق النمو المستدام.

حضر المنتدى وامكيلي مينى، الأمين العام لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، بالإضافة إلى عدد من وزراء التجارة من مختلف الدول الأفريقية. ويهدف المنتدى إلى جمع قادة الأعمال وصناع القرار لمناقشة التحديات والفرص المتاحة لتوسيع نطاق التجارة والاستثمار داخل القارة الأفريقية، وتعزيز التعاون الإقليمي.

تحديات وفرص في قارة أفريقيا

أشار الوزير الخطيب إلى أن قارة أفريقيا واجهت في السنوات الأخيرة العديد من التحديات الاقتصادية والتنموية، بما في ذلك تقلبات أسعار السلع الأساسية، وتداعيات جائحة كوفيد-19، والنزاعات الإقليمية. ومع ذلك، أكد أن هذه التحديات قد كشفت أيضًا عن فرص كبيرة للنمو والتنويع الاقتصادي، خاصة في قطاعات مثل الزراعة والصناعات التحويلية والخدمات الرقمية.

وأضاف الوزير أن تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الفرص يتطلب الانتقال من مرحلة التفاوض إلى التنفيذ الفعلي للاتفاقية، من خلال إزالة الحواجز التجارية، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتسهيل حركة الأشخاص ورأس المال. يجب أن يكون التركيز على خلق بيئة استثمارية جاذبة، وتشجيع القطاع الخاص على لعب دور محوري في دفع عجلة التنمية.

خطوات أساسية نحو التكامل الاقتصادي

وأوضح الخطيب أن اجتماع مجلس وزراء التجارة السابع عشر الذي استضافته القاهرة كان خطوة محورية في هذا الاتجاه، حيث تم التأكيد على مبدأ عدم ترك أي دولة أفريقية خلف الركب، وتحقيق التكامل الاقتصادي بطريقة تراعي التوازن بين قدرات الدول المختلفة. كما شهد الاجتماع تقدمًا ملحوظًا في قواعد المنشأ لقطاعي المنسوجات والملابس والسيارات، مما يمهد الطريق لبناء سلاسل قيمة إقليمية قادرة على المنافسة.

بالإضافة إلى ذلك، تم الانتهاء من ملحق حقوق الملكية الفكرية، والذي يعتبر خطوة أساسية نحو إطار تنظيمي حديث يدعم الابتكار ويعزز بيئة الأعمال في جميع أنحاء القارة. ووفقًا لتصريحات الوزير، فإن الاجتماع الوزاري التكميلي الذي عُقد في أكتوبر 2025 ساهم في تعزيز الزخم التنفيذي للاتفاقية، من خلال إتمام مسارات إضافية ووضع خطوات عملية لتفعيل جداول التعريفات الجمركية.

تعتبر اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية إطارًا اقتصاديًا ضخمًا يضم أكثر من 1.4 مليار نسمة، وناتجًا محليًا إجماليًا يتجاوز 3.4 تريليون دولار. لكن القيمة الحقيقية لهذا الإطار لا تتحقق إلا عندما تترجم هذه الإمكانات إلى نتائج ملموسة في الإنتاج والتجارة والاستثمار، وفقًا للوزير.

وشدد الخطيب على أهمية تعزيز سلاسل الإمداد الأفريقية من خلال التحرير التدريجي للتعريفات الجمركية، ودعم الروابط الإنتاجية بين الدول الأفريقية، وزيادة حضور المنتجات الأفريقية في الأسواق القارية. كما أكد على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص، وتوفير التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية.

وفيما يتعلق بالنظام المالي، أشار الوزير إلى أن نظام الدفع والتسوية الإفريقي (PAPSS) أصبح آلية رئيسية لدعم التجارة البينية، من خلال تمكين المعاملات بالعملات المحلية وخفض التكاليف وزيادة الكفاءة. هذا النظام يهدف إلى تسهيل التجارة عبر الحدود للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتمكينها من العمل بفاعلية أكبر داخل السوق القارية الموحدة. كما أن تطوير البنية التحتية الرقمية يعتبر من الاستثمارات الهامة في هذا السياق.

واختتم الوزير الخطيب كلمته بالتأكيد على أن المنتدى يمثل مساحة مهمة للحوار وتبادل الرؤى وتحديد الخطوات العملية لتعزيز بناء سوق أفريقية موحدة. وأعرب عن أمله في أن يسهم هذا المنتدى في تحقيق تقدم ملموس نحو تحقيق أهداف أجندة أفريقيا 2063.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول تفاصيل تنفيذ الاتفاقية في الأشهر القادمة، مع التركيز على معالجة التحديات التي تواجه الدول الأعضاء، وتحديد الأولويات المشتركة. يجب مراقبة التقدم المحرز في تفعيل جداول التعريفات الجمركية، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز دور القطاع الخاص، لتقييم مدى نجاح التكامل الاقتصادي الإقليمي في أفريقيا.

شاركها.