هددت الولايات المتحدة اليوم بتقليص مساعداتها الخارجية لـ جنوب السودان ما لم تتوقف جوبا عن فرض ما وصفته برسوم غير قانونية على شحنات المساعدات الإنسانية. يأتي هذا التهديد في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد واستمرار الصراع والفساد، مما يعرض حياة الملايين للخطر.
وفي بيان رسمي، اتهمت الخارجية الأمريكية حكومة جنوب السودان بفرض “رسوم باهظة” على المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى عرقلة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وأكدت الخارجية أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للالتزامات الدولية لجنوب السودان.
أزمة المساعدات الإنسانية في جنوب السودان وتصعيد التوتر مع واشنطن
تعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لجنوب السودان، الذي يعاني من أزمة إنسانية حادة منذ استقلاله عام 2011. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 7.3 مليون شخص، أي أكثر من 60% من السكان، يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة في عام 2024، وفقًا لأحدث تقارير الأمم المتحدة.
لطالما أعرب المانحون الدوليون عن قلقهم إزاء محاولات السلطات في جنوب السودان لفرض ضرائب على واردات المساعدات الإنسانية. ويعتبر هذا الإجراء غير مقبول، حيث أن المساعدات الإنسانية يجب أن تصل إلى المحتاجين دون أي قيود أو تكاليف إضافية.
الفساد والصراع كعوامل رئيسية للأزمة
ويشير تقرير صادر عن الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي إلى أن الفساد المستشري بين النخب السياسية في جنوب السودان هو المحرك الرئيسي للأزمة الإنسانية. ويؤدي الفساد إلى تحويل الموارد المخصصة للمساعدات الإنسانية، مما يزيد من معاناة السكان.
بالإضافة إلى الفساد، يستمر النزاع المسلح في أجزاء واسعة من البلاد، مما يعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وقد أدت الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات (2013-2018) إلى مقتل حوالي 400 ألف شخص وتشريد الملايين.
وتنفي حكومة جنوب السودان هذه الاتهامات، وتلقي باللوم على الصراع وتغير المناخ وتعطيل صادرات النفط بسبب الحرب في السودان المجاورة في تفاقم الأزمة الإنسانية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه التفسيرات لا تعكس الصورة الكاملة للأزمة.
تداعيات محتملة لخفض المساعدات الأمريكية
التهديد بتقليص المساعدات الأمريكية قد يكون له تداعيات وخيمة على الوضع الإنساني في جنوب السودان. فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم نقص الغذاء والدواء والمياه النظيفة، وزيادة معدلات الأمراض والوفيات.
كما أن خفض المساعدات قد يؤثر سلبًا على جهود السلام والمصالحة في البلاد. فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوتر بين الأطراف المتنازعة، وتقويض الثقة في الحكومة الانتقالية.
وتشمل المساعدات الأمريكية لجنوب السودان الدعم الغذائي، والمساعدات الصحية، وبرامج المياه والصرف الصحي، والمساعدات النقدية، ودعم التعليم. وتستهدف هذه المساعدات بشكل خاص الفئات الأكثر ضعفًا، مثل الأطفال والنساء والنازحين.
وتعتبر قضية جنوب السودان من القضايا الهامة التي تتطلب اهتمامًا دوليًا عاجلاً. فقد يؤدي تجاهل الأزمة الإنسانية في البلاد إلى تفاقم الوضع وزيادة المخاطر على الأمن والاستقرار الإقليمي.
في سياق متصل، دعت الأمم المتحدة إلى حوار بناء بين الولايات المتحدة وحكومة جنوب السودان لحل هذه الخلافات وتجنب أي تداعيات سلبية على المدنيين. كما أكدت الأمم المتحدة على أهمية ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين دون أي قيود.
الخطوات القادمة والمستقبل المجهول
من المتوقع أن تبدأ الولايات المتحدة مراجعة شاملة لمساعداتها الخارجية لجنوب السودان في الأيام القادمة. وستعتمد نتيجة هذه المراجعة على مدى استجابة حكومة جنوب السودان لمطالب واشنطن بوقف فرض الرسوم على المساعدات الإنسانية.
في حال عدم التوصل إلى حل، قد تشهد المساعدات الأمريكية لجنوب السودان تخفيضات كبيرة، مما قد يزيد من معاناة السكان. ويراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات في هذا الملف، ويأمل في التوصل إلى حل يضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين ويساهم في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد. الوضع في جنوب السودان لا يزال هشًا ويتطلب تدخلًا عاجلاً.






