في خطوة تاريخية، وافقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية على تسجيل منظمة يهودية لأول مرة في تاريخ البلاد. يمثل هذا التسجيل، الذي تم إنجازه بفضل جهود هند كبوات، أول امرأة تُعين في الحكومة الانتقالية السورية، علامة فارقة للمجتمع اليهودي في سوريا، ويفتح الباب أمام إعادة إحياء التراث اليهودي في سوريا.
تسجيل مؤسسة التراث اليهودي في سوريا: بداية حقبة جديدة
أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية الموافقة على تسجيل “مؤسسة التراث اليهودي في سوريا” (JHS). يسمح هذا التسجيل للمؤسسة بالعمل بشكل كامل داخل سوريا، بما في ذلك إنشاء مكتب، والتعاون الرسمي مع الحكومة والمجتمعات المحلية، والعمل ككيان معترف به مسؤول عن حماية المواقع اليهودية. يأتي هذا القرار بعد سنوات من القيود والتحديات التي واجهها المجتمع اليهودي السوري.
أهمية التسجيل وخطواته التالية
بالإضافة إلى حماية المواقع الدينية، يتيح التسجيل للمؤسسة تنسيق عودة الممتلكات اليهودية وتنظيم زيارات منتظمة للوفود اليهودية إلى البلاد. يهدف هذا الإجراء إلى تعزيز التسامح والاندماج في المجتمع السوري. وصرحت هند كبوات بأن هذا التسجيل يمثل خطوة طبيعية نحو مجتمع أكثر عدلاً وتسامحاً وشمولية.
تاريخ المجتمع اليهودي في سوريا وتراجعه
كان المجتمع اليهودي في سوريا يضم ذات يوم عشرات الآلاف من الأفراد، لكن أعداده تضاءلت بشكل كبير بعد عام 1948 بسبب القيود المتزايدة والتوترات الإقليمية التي دفعت معظم العائلات إلى الهجرة. شهدت سوريا حربًا أهلية استمرت 14 عامًا أدت إلى تدمير العديد من المعابد اليهودية. يعيش حاليًا عدد قليل فقط من اليهود في البلاد.
يعبر هنري حمرا، وهو سوري أمريكي يهودي ورئيس مؤسسة التراث اليهودي في سوريا، عن تفاؤله بشأن هذه الخطوة. ذكر حمرا أنه عاد إلى سوريا أربع مرات منذ الإطاحة بحكومة بشار الأسد، معربًا عن سعادته بالقدرة على زيارة دمشق وحلب بانتظام. وأضاف أن سوريا عادت الآن لشعبها بغض النظر عن الدين أو العرق.
تخفيف العقوبات وتأثيرها على إعادة الإعمار
في تطور ذي صلة، من المتوقع أن يتم تخفيف قانون حماية المدنيين السوريين “قيصر”، وهو من أكثر العقوبات الأمريكية تقييدًا على سوريا منذ سنه عام 2019. يتضمن قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026 إلغاءً كاملاً لهذا القانون. مرر مجلس النواب القانون، وهو الآن في طريقه إلى مجلس الشيوخ للموافقة النهائية قبل إرساله إلى الرئيس دونالد ترامب للتوقيع عليه. قد يساهم تخفيف العقوبات في جهود إعادة الإعمار في سوريا.
المعابد اليهودية في سوريا: الماضي والحاضر
وفقًا لهنري حمرا، توجد 22 كنيسًا يهوديًا في دمشق، لكن معظمها مدمر. خلال زيارته الأخيرة، شاهد حمرا وفريقه أنقاض كنيس جوبر، المعروف أيضًا باسم إلياهو النبي، وهو أحد أقدم الكنائس اليهودية في العالم. ومع ذلك، لا يزال كنيس الفارانج هو الكنيس الوحيد الذي بقي سليماً إلى حد كبير، حيث لا يزال يحتوي على كتبه ومخطوطات التوراة.
نظرة مستقبلية
من المتوقع أن يستمر العمل على ترميم المعابد اليهودية في سوريا، مع التركيز على كنيس الفارانج. تعتبر هذه الخطوة بمثابة بداية لعملية طويلة الأمد لإعادة إحياء التراث اليهودي والثقافة في سوريا. سيراقب المراقبون عن كثب التقدم المحرز في تنفيذ هذه الخطط، بالإضافة إلى تأثير تخفيف العقوبات على جهود إعادة الإعمار الشاملة في البلاد. يبقى مستقبل المجتمع اليهودي في سوريا غير مؤكد، لكن هذا التسجيل يمثل خطوة إيجابية نحو مستقبل أكثر شمولاً وتسامحًا. كما أن مستقبل العلاقات السورية الأمريكية، وتأثيرها على استقرار المنطقة، يظل موضوعًا رئيسيًا للمتابعة.






