أكد وزير الاقتصاد الإسباني كارلوس كويربو أن الهجرة لا تزال فرصة اقتصادية للاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن النقاش الدائر حولها غالبًا ما يُختطف بواسطة “روايات كاذبة” تبقي تصور الجمهور منفصلاً عن الواقع. جاءت تصريحات كويربو في مقابلة مع قناة يورونيوز، في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات ديموغرافية واقتصادية متزايدة.

أدلى كويربو بهذه التصريحات في 11 ديسمبر 2025، وأشار إلى أن البيانات الاقتصادية الإسبانية تظهر مساهمة إيجابية للمهاجرين في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وقد أثارت تصريحاته جدلاً واسعاً في ظل تصاعد الخطاب المعادي للمهاجرين في بعض الدول الأوروبية.

الهجرة والنمو الاقتصادي في إسبانيا والاتحاد الأوروبي

تعتبر إسبانيا من أسرع الاقتصادات نموًا في منطقة اليورو، حيث من المتوقع أن تشهد نموًا بنسبة 2.9٪ هذا العام، وهو ما يقارب ثلاثة أضعاف معدلات النمو في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا مجتمعة. ويرى كويربو أن تجربة إسبانيا مع الهجرة كانت إيجابية، سواء بالنظر إليها من حيث الأرقام المطلقة أو للفرد.

تشير أبحاث أجراها بنك إسبانيا ونُشرت في وقت سابق من هذا العام إلى أن السكان المولودين في الخارج العاملين في إسبانيا ساهموا بين 0.4 و 0.7 نقطة مئوية في الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إسبانيا، بمتوسط ​​2.9٪ بين عامي 2022 و 2024. هذه الأرقام تدعم وجهة نظر كويربو بأن الهجرة ليست عبئًا اقتصاديًا، بل محركًا للنمو.

تحديات الهجرة في الاتحاد الأوروبي

تواجه الهجرة قضية معقدة في الاتحاد الأوروبي، حيث يواجه التكتل تحديات تتعلق بشيخوخة السكان ونقص العمالة، ولكنه يواجه أيضًا معارضة سياسية من الجماعات التي تطالب بقواعد أكثر صرامة لمكافحة الهجرة غير النظامية. تطالب الأحزاب اليمينية والمحافظة بتسريع عمليات إعادة التوطين لأي شخص ليس لديه الحق القانوني في الإقامة في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مراقبة أوثق لطلبات اللجوء ولم شمل الأسرة.

في المقابل، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى أن يقرر الأوروبيون وحدهم من يأتي إلى أوروبا ويعبر حدودنا، وتحت أي ظروف. وأعلنت أيضًا أن الاتحاد الأوروبي سيقدم آلية عقوبات جديدة لمروجي البشر. هذا الموقف يعكس التوتر المتزايد بين الرغبة في جذب العمالة الماهرة والسيطرة على الهجرة غير النظامية.

غالبًا ما يتم التعامل مع الهجرة القانونية وغير القانونية كوحدة واحدة في الخطاب السياسي، على الرغم من اختلافهما الجوهري. وأشار كويربو إلى وجود انفصال بين تصور الجمهور حول الهجرة والبيانات الواقعية، وهو ما يتفاقم بسبب الروايات الخاطئة. واستشهد باستطلاع للرأي في إسبانيا أظهر أن المشاركين بالغوا في تقدير عدد المهاجرين وعدد المهاجرين الذين يتلقون إعانات حكومية.

الاندماج هو مفتاح الاستفادة من فوائد الهجرة، وفقًا لكويربو. وأكد على أهمية التركيز على السياسات التي تعزز الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين، مما يسمح لهم بالمساهمة بشكل كامل في المجتمع. هذا يشمل توفير فرص التعليم والتدريب المهني، بالإضافة إلى مكافحة التمييز وتعزيز التنوع.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، وافق وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي على مراجعة شاملة لقواعد الهجرة، والتي قد تؤدي إلى إنشاء مراكز لإعادة المهاجرين في دول خارج الاتحاد الأوروبي، سواء كانت دول المنشأ أو دول العبور. هذا التغيير الكبير في السياسة يهدف إلى تقليل عدد المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى أوروبا وتسريع عمليات الإعادة.

تعتبر الحكومة الإسبانية، بقيادة كويربو، من بين عدد قليل من الإدارات التقدمية التي تحكم حاليًا في الاتحاد الأوروبي. ويرى كويربو أن مدريد تقدم نموذجًا لكيفية ممارسة السياسة بشكل مختلف، من خلال إعطاء الأولوية للحقائق والبيانات على الخطابات السياسية. السياسات الاجتماعية تلعب دوراً هاماً في هذا النموذج.

في الختام، من المتوقع أن يتم بث مقابلة “12 دقيقة مع…” كارلوس كويربو على قناة يورونيوز في 12 ديسمبر. ستركز المناقشات القادمة على تفاصيل تطبيق قواعد الهجرة الجديدة، وكيف ستؤثر على كل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمهاجرين أنفسهم. يبقى أن نرى ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتمكن من تحقيق التوازن بين الحاجة إلى السيطرة على الهجرة والاعتراف بفوائدها الاقتصادية والاجتماعية المحتملة. العمالة الماهرة هي أيضاً نقطة محورية في هذه المناقشات.

شاركها.