واجهت شركة Running Tide، المتخصصة في إزالة الكربون من المحيط، صعوبات مالية كبيرة أدت إلى إغلاقها في يونيو 2024. وتأتي هذه الخطوة بعد تجارب مثيرة للجدل تضمنت إلقاء نشارة الخشب في المحيط الأيسلندي بهدف تعزيز قدرة المحيط على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وهي تقنية تُعرف باسم “تعزيز قلوية المحيط” (Ocean Alkalinity Enhancement). وقد أثارت هذه الممارسة تساؤلات حول تأثيرها البيئي المحتمل.

بدأت المشاكل تتضح عندما أقرّ مارتن أودلين، الرئيس التنفيذي لشركة Running Tide، بأنه على الرغم من بيع اعتمادات إزالة الكربون لشركات كبرى مثل Stripe و Shopify و Microsoft و Chan Zuckerberg Initiative، إلا أن التدفق المالي من وادي السيليكون قد توقف. ووفقًا لمصادر داخل الشركة، كان أودلين يعلن في اجتماعاته الربيعية عن بقاء بضعة أسابيع فقط من التمويل قبل الاضطرار إلى الإغلاق.

تحديات تعزيز قلوية المحيط وانهيار Running Tide

كانت فكرة Running Tide تقوم على إغراق المحيط بنشارة الخشب لزيادة قلوية المياه، مما يسمح لها بامتصاص المزيد من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. ومع ذلك، تبين أنه من المستحيل مراقبة تأثير هذه النشارة بعد إطلاقها في المحيط لأكثر من ثلاث ساعات، حيث قال أودلين: “لم نتمكن من قياس الإشارة في ضوضاء المحيط فيما يتعلق بقلوية المياه.”

الضغوط المالية وتوقف التمويل

على الرغم من بيع الشركة لاعتمادات بقيمة 30 مليون دولار أمريكي، ووجود التزامات بملايين الدولارات الإضافية، إلا أن أودلين قدّر أن الشركة تحتاج إلى مبيعات تتراوح بين 100 مليون و 150 مليون دولار أمريكي لتغطية “الإيجار” المطلوب لتشغيلها. وقد أدى توقف التمويل من الشركات الاستثمارية إلى تسريع وتيرة الانهيار.

مخاوف بيئية حول “المناطق الميتة”

يثير إلقاء المواد العضوية في المحيط مخاوف بيئية كبيرة، بما في ذلك احتمال تكوين “مناطق ميتة” (Dead Zones) حيث تنخفض مستويات الأكسجين بشكل حاد، مما يؤدي إلى موت الكائنات البحرية. وفقًا لسامانثا جوي، أستاذة في علوم البحار بجامعة جورجيا، والتي عملت على المناطق الميتة في دلتا نهر المسيسيبي وتنظيف آثار تسرب النفط في ديب ووتر هورايزون عام 2010، فإن هذه العملية يمكن أن تخنق الحياة المائية.

تأثير محتمل على قاع البحار

تشير تقارير حديثة من Convex Seascape Survey، وهو تعاون دولي للبحث، إلى أن تعطيل قاع البحر قد يعيق قدرة الرواسب على امتصاص الكربون. بالإضافة إلى ذلك، تحذر جوي من أن تعزيز قلوية المحيط دون بحث كافٍ قد يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في حموضة المحيط إذا تم سحب كميات كبيرة من الكربون إلى المياه العميقة دون توزيعها بشكل صحيح.

تقنيات إزالة الكربون الأخرى

تعتبر تقنيات إزالة الكربون (Carbon Removal) ضرورية لمواجهة تغير المناخ، ولكن هناك العديد من الأساليب المختلفة قيد التطوير. وتشمل هذه الأساليب زراعة الأشجار، والتقاط الكربون المباشر من الهواء (Direct Air Capture)، واستخدام الطحالب لامتصاص ثاني أكسيد الكربون. وتختلف هذه التقنيات في فعاليتها وتكلفتها وتأثيرها البيئي المحتمل.

يعكس إغلاق Running Tide التحديات التي تواجه الشركات التي تسعى إلى تطوير وتنفيذ حلول هندسة مناخية (Climate Engineering) واسعة النطاق. فالتمويل اللازم لتوسيع نطاق هذه التقنيات غالبًا ما يكون كبيرًا، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم تأثيراتها المحتملة بشكل كامل.

إن الإرث الذي تتركه الشركة بعد إلقاء نشارة الخشب في المحيط غير واضح. لا يزال من غير المعروف ما هو تأثير غرق الكتلة الحيوية على المحيط، ويظل العلماء وخبراء الأعماق البحرية مترددين في متابعة مثل هذه الهندسة البحرية حتى يتم فهم المزيد عن الأعماق.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول فعالية وأمان تقنيات إزالة الكربون، بما في ذلك تعزيز قلوية المحيط، في السنوات القادمة. وستراقب الجهات المعنية عن كثب نتائج الأبحاث الجارية، وتطور السياسات التنظيمية، والتقدم في مجال التمويل لهذه التقنيات. كما سيكون من المهم تقييم الدروس المستفادة من تجربة Running Tide لتجنب تكرار الأخطاء في المستقبل.

شاركها.