أفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن حوالي 42 ألف شخص في قطاع غزة يعانون من إعاقات جسيمة تتطلب رعاية طويلة الأمد، وذلك في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها القطاع. يشير هذا الرقم إلى تدهور كبير في الوضع الصحي والإنساني، ويزيد من الضغط على الخدمات المحدودة المتاحة. التقرير، الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، يسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى دعم إضافي لهذه الفئة المتضررة.

وذكر الجهاز المركزي للإحصاء أن الإصابات الأكثر شيوعًا تشمل إصابات الأطراف المعقدة، وحالات البتر، والحروق، والصدمات التي تؤدي إلى فقدان دائم للوظائف الحركية أو الحسية. وتشير البيانات إلى أن هذه الإصابات ليست فقط نتيجة مباشرة للأحداث الجارية، بل أيضًا نتيجة لتدهور الخدمات الصحية ونقص الإمدادات الطبية.

ارتفاع غير مسبوق في حالات الإعاقة في غزة

أعربت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية عن قلقها العميق إزاء الارتفاع الحاد في أعداد المصابين بإعاقات دائمة نتيجة الحرب المستمرة في قطاع غزة. وأوضحت الوزارة أن القصف المكثف واستخدام الأسلحة المتفجرة، بالإضافة إلى القنص المباشر للمدنيين، ساهم بشكل كبير في تحويل الإصابات التي كان من الممكن علاجها إلى إعاقات مستدامة.

وأضافت الوزارة أن الحصار المفروض على القطاع وإغلاق المعابر، ومنع دخول الأدوية والمعدات الطبية والوقود، قد فاقم الوضع بشكل كبير. ونتيجة لذلك، يعاني العديد من المصابين من إعاقات دائمة بسبب نقص الإمكانيات الطبية وتأخر التدخل الجراحي وغياب برامج إعادة التأهيل المناسبة.

تأثير الحرب على الأطفال

يشكل الأطفال نسبة كبيرة من بين المصابين بإعاقات جسيمة، حيث يعاني أكثر من 10 آلاف طفل من إصابات مسببة للإعاقة. وقد شكل هؤلاء الأطفال 51% من حالات الإجلاء الطبي خارج القطاع خلال الفترة من مايو 2024 إلى يونيو 2025، مما يعكس الحاجة الملحة لتوفير الرعاية الصحية المتخصصة لهم.

انهيار خدمات التأهيل

أشار الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن خدمات التأهيل في قطاع غزة تواجه انهيارًا حادًا، حيث تراجعت بنسبة 62% نتيجة لتدمير المرافق الصحية ومقتل أكثر من 1700 من الكوادر الصحية. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص حاد في الأجهزة المساعدة مثل الكراسي المتحركة والمشايات والأطراف الصناعية.

وتواجه حالات الحروق تحديات خاصة، حيث أن 70% من مرضى الحروق الذين خضعوا لجراحات هم أطفال دون سن الخامسة. يعكس هذا الرقم خطورة الإصابات التي يتعرض لها الأطفال في ظل غياب الإمدادات الطبية الكافية.

الإصابات العصبية والدماغية المعقدة تمثل أيضًا نسبة كبيرة من الحالات، ولكنها لا تتوفر لها حاليًا خدمات تأهيل كافية داخل القطاع. وتشير التقارير إلى أن الإصابات الكبرى في الأطراف تمثل النسبة الأكبر، بالإضافة إلى نسبة مرتفعة من حالات البتر تصل إلى 22%.

تعتبر خدمات التأهيل جزءًا أساسيًا من الرعاية الصحية، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وهي ضرورية لمنع المضاعفات. الرعاية الصحية في غزة تواجه تحديات جمة بسبب تدمير المرافق وفقدان الكوادر وتعطل سلاسل الإمداد.

وتقتصر التقديرات الحالية على الإصابات الناجمة عن الصدمات المباشرة، ولا تشمل الاحتياجات المتزايدة الناتجة عن الظروف الصحية المتدهورة بسبب الحرب، مثل سوء التغذية والأمراض المزمنة والنزوح وغياب الأجهزة المساعدة الأساسية. الصحة النفسية أيضًا تمثل تحديًا كبيرًا، حيث يعاني العديد من الناجين من صدمات نفسية تحتاج إلى علاج متخصص.

دعت دائرة التنظيمات الشعبية بمنظمة التحرير الفلسطينية إلى توفير الحماية لذوي الإعاقة وتسهيل سفرهم للعلاج، وإدخال الأجهزة والمستلزمات الطبية والتأهيلية التي يحتاجونها. كما طالبت المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية تجاههم ومحاسبة إسرائيل على الجرائم التي تسببت في إعاقاتهم.

من المتوقع أن يستمر الوضع الإنساني في قطاع غزة في التدهور ما لم يتم توفير الدعم الإضافي والحلول المستدامة. سيستمر الجهاز المركزي للإحصاء في جمع البيانات وتحليلها لتقييم الاحتياجات المتزايدة وتقديم توصيات للمجتمع الدولي والجهات المعنية. من الضروري مراقبة تطورات الوضع الصحي والإنساني في غزة وتقييم تأثيرها على الفئات الأكثر ضعفًا.

شاركها.