حذرت سفيتلانا تيخانوفسكايا، زعيمة المعارضة البيلاروسية المنفية، من أن القوى الاستبدادية تختبر حدود أوروبا، وأكدت على ضرورة مواجهة هذه التحديات من خلال تضافر الجهود الديمقراطية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. جاءت تصريحاتها في مقابلة مع قناة “يورونيوز” في الثامن من ديسمبر 2025، حيث شددت على أن أوكرانيا تمثل ساحة المعركة الرئيسية للصراع العالمي، لكن المخاطر قد تتجاوزها في حال التوصل إلى اتفاق غير مناسب. وتشكل هذه التطورات تهديدًا للأمن الأوروبي، وتتطلب رد فعلًا حاسمًا.
وأشارت تيخانوفسكايا إلى أن التهديد لا يقتصر على أوكرانيا، بل يمتد ليشمل الهيكل الأمني الأوروبي بأكمله والمنطقة بأسرها. وأعربت عن تفهمها لرغبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق، لكنها أكدت أن نجاح ذلك سيعتمد بشكل كبير على موقف أوروبا وقدرتها على الوحدة والتكاتف. وتعتبر قضية الأمن الأوروبي من القضايا المحورية التي تتطلب معالجة عاجلة.
تهديدات متزايدة للأمن الأوروبي وتأثيرها على بيلاروسيا
حذرت تيخانوفسكايا من أن أي اتفاق سيء في أوكرانيا سيكون له تداعيات سلبية على بلادها، بيلاروسيا، التي لا ينبغي أن تتحول إلى “جائزة ترضية”. وأوضحت أن مستقبل بيلاروسيا مرتبط بشكل وثيق بنتيجة الحرب في أوكرانيا، وأن إدراج بيلاروسيا في المفاوضات الجارية أمر بالغ الأهمية لضمان عدم بقائها خاضعة للنظام الحالي في مينسك وروسيا. وتؤكد على أهمية الحفاظ على استقلال بيلاروسيا.
دور روسيا وبيلاروسيا في الصراع
غادرت تيخانوفسكايا بيلاروسيا في عام 2020 بعد انتخابات رئاسية شابها الجدل، وأعلن فيها ألكسندر لوكاشينكو، الذي يحكم البلاد منذ 31 عامًا، فوزه، مما أدى إلى قمع المعارضة. وقد اتهم المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، لوكاشينكو بتزوير الانتخابات وفرض عقوبات عليه. وتعتبر هذه الانتخابات نقطة تحول في تاريخ بيلاروسيا.
استخدمت روسيا بيلاروسيا كمنصة انطلاق لشن هجومها على أوكرانيا منذ الغزو الشامل في أوائل عام 2022. وبشكل أكثر إلحاحًا، اتُهمت مينسك من قبل دول البلطيق وبولندا باستغلال الهجرة غير الشرعية لخلق توترات على الحدود. وتشير هذه الاتهامات إلى دور متزايد لبيلاروسيا في دعم الأهداف الروسية.
وأشارت ليتوانيا أيضًا إلى لوكاشينكو، متهمة إياه بالسماح بانتهاك المجال الجوي الليتواني بواسطة بالونات كبيرة، مما تسبب في اضطرابات في حركة الركاب، ودفع فيلنيوس إلى التفكير في إعلان حالة الطوارئ بسبب هذه التعديات المتكررة. وتعتبر هذه الحوادث جزءًا من نمط أوسع من التصعيد.
هجمات هجينة وتصعيد التوترات
وصفت تيخانوفسكايا ما يحدث بأنه “هجوم هجين على أوروبا”، مؤكدة أن الأنظمة الاستبدادية تسعى باستمرار إلى ابتزاز القادة لمعرفة مدى قدرتهم على التسامح. وحذرت من أن التردد لن يُنظر إليه إلا على أنه ضعف. وتشكل هذه الهجمات تحديًا جديدًا للأمن الأوروبي.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي نقاشات مكثفة حول استراتيجيته تجاه روسيا وبيلاروسيا، وخاصة في ظل التغيرات السياسية المحتملة في الولايات المتحدة. السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي تخضع لضغوط متزايدة.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات داخلية تتعلق بالوحدة والتنسيق في مواجهة هذه التهديدات. التحديات الجيوسياسية تتطلب استجابة موحدة وفعالة.
وفي سياق متصل، تواصل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقييم فعالية العقوبات المفروضة على بيلاروسيا، والنظر في إمكانية تشديدها أو توسيعها. العقوبات الاقتصادية هي أداة رئيسية في الضغط على النظام في مينسك.
من المتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه القضايا خلال القمة القادمة في بروكسل في أوائل عام 2026، حيث من المرجح أن يتم التركيز على تعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي، وتطوير استراتيجية طويلة الأجل للتعامل مع التهديدات القادمة من الشرق. وتعتبر هذه القمة فرصة حاسمة لتحديد مسار المستقبل.
يبقى الوضع في أوكرانيا وبيلاروسيا غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة وتنسيقًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية. وستعتمد الاستجابة الفعالة على القدرة على التكيف مع التطورات المتغيرة، واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على تحليل دقيق للمخاطر والفرص.





