تصاعدت التوترات بين تايلاند وكمبوديا في أواخر يوم الاثنين، حيث شنت القوات التايلاندية غارات جوية على طول الحدود المتنازع عليها. وتبادلت الحكومتان الاتهامات بإشعال أحدث جولة من العنف، مما أثار شكوكًا جديدة حول استقرار اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وتأتي هذه الاشتباكات في ظل استمرار الخلافات حول الحدود التايلاندية الكمبودية، وهو موضوع يمثل مصدر توتر إقليمي مستمر.

أفادت مصادر عسكرية تايلاندية بأن القوات الكمبودية فتحت النار في عدة مناطق على طول الحدود، مما أسفر عن مقتل جندي تايلاندي وإصابة آخرين. وبدأت السلطات التايلاندية في إجلاء المدنيين في المجتمعات القريبة خشية تصاعد الموقف. وأكدت القوات الجوية التايلاندية أنها قصفت “أهدافًا عسكرية” بهدف إخماد نيران العدو، وفقًا لما ذكره الجنرال وينثاي سوفاري للأسوشيتد برس.

اشتباكات حدودية وتصعيد للتوتر بين تايلاند وكمبوديا

في المقابل، نفت كمبوديا هذه الرواية. وذكرت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الكمبودية، مالي سوشيتا، أن القوات التايلاندية هي التي بدأت بالهجوم، وأن كمبوديا لم ترد إطلاق النار في البداية. ودعت الوزارة تايلاند إلى وقف جميع العمليات العسكرية. وتداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لطلاب يغادرون المدارس بالقرب من الحدود، بينما سارع الأهل إلى استلام أطفالهم.

سياق الاشتباكات الأخيرة

يأتي هذا التصعيد بعد تبادل لإطلاق النار يوم الأحد. وأفادت تايلاند بأن القوات الكمبودية جرحت جنديين تايلانديين قبل أن ترد القوات التايلاندية بالهجوم لمدة 20 دقيقة. بينما زعمت كمبوديا أن تايلاند هي من بدأت تلك الاشتباكات، وأنها لم تبدأ بإطلاق النار.

تأتي هذه الأحداث بعد فترة من التوتر، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي، والذي توسط فيه الرئيس ترامب، ووضع حدًا لخمسة أيام من القتال في يوليو أودت بحياة العشرات من الجنود والمدنيين. وقد أظهر هذا الاتفاق علامات ضعف الشهر الماضي بعد إصابة العديد من الجنود التايلانديين بالألغام في المناطق المتنازع عليها، مما دفع الحكومة التايلاندية إلى الإعلان عن تعليق تنفيذ أجزاء من الاتفاقية.

منذ ذلك الحين، استمر كلا الجانبين في تبادل الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، على الرغم من أن الاتفاق يشمل التعاون في إزالة الألغام والخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار على الحدود. ويعتبر النزاع الحدودي قضية معقدة تتطلب حلاً دبلوماسيًا.

تاريخ طويل من النزاعات

تتمتع تايلاند وكمبوديا بتاريخ طويل من الصراعات يعود إلى قرون مضت، حيث تنافست المملكتان على النفوذ. وفي العصر الحديث، تركزت الخلافات حول الخرائط الحدودية التي وضعتها فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية، والتي تقول تايلاند إنها غير دقيقة. وقد لعبت هذه الخرائط دوراً رئيسياً في الخلافات الإقليمية.

على الرغم من اتفاق أكتوبر، لم يصل البلدان إلى حل للنزاع الإقليمي الأساسي. ويحذر المراقبون الإقليميون من أن استئناف الاشتباكات قد يقرب البلدين من صراع أوسع نطاقًا ما لم يتم إحياء المفاوضات الدبلوماسية. ويشير بعض المحللين إلى أن غياب حل دائم للنزاع يزيد من احتمالية تكرار هذه الحوادث.

تتطلب هذه الأزمة جهودًا دبلوماسية مكثفة من قبل الأطراف المعنية والمجتمع الدولي. وتكمن أهمية الحفاظ على الاستقرار في هذه المنطقة في تأثيره على الأمن الإقليمي والتجارة والاقتصاد.

من المتوقع أن تتواصل الجهود الدبلوماسية في الأيام والأسابيع المقبلة في محاولة لتهدئة التوترات وإعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، يبقى الوضع غير مؤكد، وسيعتمد مسار الأحداث على استجابة كلا الجانبين للضغوط الدولية وقدرتهما على التوصل إلى حلول مقبولة. ويتطلب الأمر مراقبة دقيقة لتطورات الوضع والتحركات الدبلوماسية المحتملة.

شاركها.