من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الفرنسي نموًا بنسبة 0.8% على الأقل خلال عام 2025، وفقًا لتصريحات وزير المالية رولان ليسكور. هذا التوقع يتجاوز قليلاً تقديرات الحكومة السابقة التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 0.7%. يأتي هذا الإعلان في وقت تسعى فيه الحكومة الفرنسية جاهدةً لتمرير ميزانية 2026 وسط تحديات سياسية واقتصادية.

أشار ليسكور إلى أن أداء الاقتصاد في الربع الثالث من العام الحالي كان قويًا جدًا، مما يجعل من الصعب أن يكون النمو أقل من 0.8% إلا في حالة حدوث تدهور كبير وغير متوقع في الربع الرابع. ومع ذلك، لا يزال الوضع المالي لفرنسا تحت المراقبة الشديدة من قبل وكالات التصنيف الائتماني والمستثمرين.

تجاوز الاقتصاد الفرنسي للعاصفة السياسية

يبدو أن الاقتصاد الفرنسي قد تمكن من تجاوز الآثار السلبية للعاصفة السياسية التي شهدتها البلاد في العام الماضي، والتي أدت إلى تغييرات متكررة في الحكومة. وقد سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 0.5% في الربع الثالث، وهو ما يمثل أداءً أفضل من التوقعات الأولية ويتجاوز معدل النمو في منطقة اليورو بشكل عام.

يعزى هذا النمو بشكل رئيسي إلى تحسن أداء قطاعي التجارة والاستثمار، على الرغم من وجود بعض المؤشرات على تزايد حالة عدم اليقين بين قادة الأعمال. وتشير البيانات إلى أن قطاع الخدمات كان له دور كبير في هذا التحسن، حيث شهد نموًا ملحوظًا في شهر نوفمبر.

تحديات الميزانية والمالية العامة

على الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، لا يزال رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو يواجه صعوبات في تمرير ميزانية 2026 في البرلمان. ويحتاج لوكورنو إلى إيجاد أرضية مشتركة مع المعارضة لتجنب أي أزمة سياسية جديدة قد تؤدي إلى انهيار الحكومة.

تمكن لوكورنو من تحقيق تقدم طفيف يوم الجمعة الماضي، حيث أيدت الجمعية الوطنية تسوية بشأن جزء من الميزانية. لكن لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لإقرار خطة الإنفاق بأكملها، بما في ذلك التصويت على الفصل الخاص بالضمان الاجتماعي يوم الثلاثاء المقبل.

الفشل في إقرار الميزانية قد يؤدي إلى زيادة العجز المالي وتقويض جهود الحكومة لتحقيق الاستقرار في المالية العامة. هذا الأمر يثير قلق المستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني، الذين يراقبون عن كثب الوضع المالي لفرنسا.

توقعات النمو الاقتصادي والتحديات المستقبلية

تعتبر توقعات النمو بنسبة 0.8% لعام 2025 بمثابة إشارة إيجابية للاقتصاد الفرنسي، خاصةً بعد فترة من عدم الاستقرار السياسي والمالي. لكن من المهم ملاحظة أن هذه التوقعات لا تزال عرضة للتغيير، اعتمادًا على التطورات الاقتصادية العالمية والسياسية الداخلية.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه فرنسا تحديات هيكلية طويلة الأجل، مثل ارتفاع الدين العام وارتفاع معدلات البطالة. يتطلب معالجة هذه التحديات تنفيذ إصلاحات اقتصادية جريئة وشاملة، وهو ما قد يكون صعبًا في ظل الوضع السياسي الحالي.

تعتبر السياسة المالية من العوامل الرئيسية التي ستحدد مسار النمو الاقتصادي في فرنسا في السنوات القادمة. كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر يلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد الفرنسي وتوفير فرص العمل.

الخطوة التالية الحاسمة هي التصويت على الفصل الخاص بالضمان الاجتماعي من الميزانية يوم الثلاثاء، ومن ثم التصويت على الخطة المالية الكاملة في وقت لاحق من الشهر. سيكون رد فعل الأسواق ووكالات التصنيف الائتماني على هذه التصويتات أمرًا بالغ الأهمية، وسيوفر مؤشرًا على مدى قدرة الحكومة الفرنسية على تحقيق الاستقرار المالي.

شاركها.