يشهد قطاع الأدوية في السعودية تحولاً ملحوظاً، حيث يتجه نحو مرحلة نمو مستدام مدفوعاً بتوسع نطاق التصنيع المحلي، وتحسن التقييمات الاستثمارية للشركات المدرجة، بالتزامن مع جهود المملكة لتعزيز أمنها الدوائي وتقليل الاعتماد على الواردات. وتشير التوقعات إلى زيادة القيمة السوقية لهذا القطاع الحيوي بشكل كبير خلال العقد القادم، مما يجعله وجهة جذابة للمستثمرين المحليين والأجانب.

وتظهر بيانات الاستراتيجية الوطنية للصناعة أن القيمة السوقية الحالية لقطاع الأدوية والمنتجات الحيوية تصل إلى 27.9 مليار ريال سعودي، مع توقعات بارتفاعها إلى 44.1 مليار ريال بحلول عام 2030. وتكمن أهمية هذا النمو في حقيقة أن الإنتاج المحلي يغطي حالياً حوالي 25% فقط من الطلب الكلي، مما يفتح آفاقاً واسعة للاستثمار في هذا المجال.

نمو واعد وتقييمات جاذبة في قطاع الأدوية

أكدت المحللة المالية ماري سالم أن قطاع الأدوية في السعودية يمثل فرصة استثمارية واعدة، خاصة مع التركيز المتزايد على تطوير الصناعات الدوائية المحلية وتشجيع انتقال عمليات التصنيع إلى داخل المملكة. يشهد القطاع تطوراً ملحوظاً بفضل الدعم الحكومي والطلب المتزايد على الأدوية.

وأشارت إلى أن الانخفاض الطفيف في مؤشر القطاع بنسبة 5.75% منذ بداية العام الحالي يعتبر متوازناً مقارنة بأداء السوق العام، كما أن تداولات القطاع تتميز بالاستقرار النسبي وعدم وجود تقلبات حادة. هذا الاستقرار يعكس الثقة في مستقبل القطاع.

يتكون قطاع الأدوية المدرج من ثلاث شركات رئيسية: الدوائية، وهي الأقدم تاريخياً حيث تم إدراجها في السوق عام 1994؛ وجمجوم فارما، التي انضمت إلى السوق في يونيو 2023 وتمثل أكبر الشركات من حيث القيمة السوقية؛ وأفالون فارما، وهي الأحدث والأصغر حجماً بعد إدراجها في فبراير 2024.

منذ بداية العام، حقق كل من جمجوم فارما وأفالون فارما أداءً أفضل، مع اتجاه إيجابي واضح، بينما أثر سهم الدوائية بشكل سلبي على المؤشر العام للقطاع. يعكس هذا التباين في الأداء ديناميكية القطاع وتنوع الشركات العاملة فيه.

وأضافت سالم أن الأوزان النسبية للشركات داخل القطاع متقاربة، ومع زيادة عدد الشركات المدرجة، تتسع فرص المنافسة وجذب المستثمرين، ليس فقط بناءً على الأداء التشغيلي، بل أيضاً من خلال التقييمات الاستثمارية. هذا التنوع يعزز جاذبية القطاع للمستثمرين.

وتشير التقييمات الحالية إلى أن القطاع يقدم فرصاً مغرية، حيث انخفض مكرر الربحية من 47 مرة في عام 2024 إلى حوالي 26 مرة حالياً، مع استقرار الأرباح وتوقعات بتحسنها في المستقبل. هذا الانخفاض في مكرر الربحية يجعل أسهم القطاع أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن قيمة.

أدوية سدير: وافد جديد يعزز المنافسة

أعلنت شركة أدوية سدير السعودية اليوم عن تقديم طلب رسمي لتسجيل أسهمها وطرحها للاكتتاب العام في السوق الرئيسية. تعتبر هذه الخطوة إضافة مهمة للقطاع وتعكس الثقة في مناخه الاستثماري.

تملك شركة الحمادي القابضة، المدرجة في قطاع الرعاية الصحية، حصة نسبتها 35% في أدوية سدير. تعتبر الحمادي القابضة من الشركات الرائدة في إدارة المستشفيات.

حققت الشركات الثلاث العاملة في القطاع نمواً ملحوظاً في أرباحها خلال عام 2024، حيث بلغ صافي الأرباح الإجمالي 461 مليون ريال سعودي مقارنة بأرباح العام 2023. تصدرت جمجوم فارما قائمة الشركات الأكثر ربحية بـ 356 مليون ريال، تليها أفالون فارما، ثم الدوائية، أقدم شركات القطاع، بـ 24.5 مليون ريال.

عند الإدراج، بلغت القيمة السوقية لجمجوم فارما 4.2 مليار ريال، وارتفعت لاحقاً إلى 10.62 مليار ريال بحلول نهاية تداولات يوم الخميس الماضي. في المقابل، بلغت القيمة السوقية لأفالون فارما عند الإدراج 1.64 مليار ريال، وارتفعت إلى 2.42 مليار ريال وفقاً لآخر أسعار الإغلاق. وباحتساب القيمة السوقية للشركات الثلاث مجتمعة، يصل إجمالي حجم القيمة السوقية للقطاع إلى 16.36 مليار ريال.

قطاع الأدوية: مزيج من النمو والدفاعية

وصف المحلل المالي محمد زيدان قطاع الأدوية بأنه يجمع بين خصائص النمو والدفاعية، مشيراً إلى أن تراجعه المحدود يعكس قدرته على التماسك مقارنة ببقية القطاعات في السوق. يعتبر هذا المزيج من الخصائص جذاباً للمستثمرين الذين يبحثون عن استثمارات مستقرة وذات عوائد جيدة.

وأضاف أن آراء المحللين وشركات الأبحاث تتجه حالياً نحو توصيات محايدة أو شراء مشروط، بناءً على تطورات الأسعار. هذا الحذر يعكس الحاجة إلى مراقبة أداء الشركات وتقييم المخاطر المحتملة.

تحليل أداء أسهم الشركات الرئيسية

أظهر سهم جمجوم فارما تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.3% منذ بداية العام، إلا أن تماسكه المتكرر عند مستوى 145 ريال يعكس دعماً فنياً قوياً. يرى المحللون أن مستويات 160 ريال و 175 ريال تمثل مناطق مقاومة رئيسية في حال استمرار الزخم الشرائي، ويتوقعون وصول السهم إلى 170 ريالاً خلال الأشهر الـ 12 القادمة.

فيما يتعلق بسهم أفالون فارما، لا توجد توصيات بيع عليه حتى الآن، حيث يوصي 25% من المحللين بالشراء و 75% بالحياد. على الرغم من تذبذبه السعري، يتوقع المحللون إعادة اختبار السهم لمستوى متوسط 200 يوم عند 126 ريال، وفي حال تجاوزه، قد يستهدف مستويات 137 ريالاً كمقاومة أولى. تشير تقديرات بيوت الأبحاث إلى أن متوسط السعر المستهدف للسهم يبلغ 146 ريالاً، مما يمثل نمواً محتملاً بنسبة 20%.

أما سهم الدوائية، فهو الأكثر تراجعاً بين أسهم شركات القطاع بنسبة 13%، حيث تعرض لموجة بيع قوية. ينقسم آراء المحللين حوله، حيث يرى 50% أن الشراء هو السيناريو المرجح، مع اختلاف تقديرات الأسعار المستهدفة. يتوقع المحللون أن الثبات فوق مستوى 21 ريال قد يمهد لتحول الاتجاه على المدى المتوسط، مع فرصة لبلوغ السهم 40 ريالاً في حال استمرار الزخم الإيجابي.

يستعد قطاع الأدوية السعودي لمرحلة توسع صناعي واستثماري كبيرة، مدعومة ببيئة تنظيمية مشجعة وانخفاض في مكررات الربحية. يمثل دخول شركات جديدة مثل أدوية سدير بداية مرحلة جديدة من المنافسة والتسعير في السوق. من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من التطورات في هذا القطاع الحيوي، بما في ذلك نتائج الاكتتاب العام لشركة أدوية سدير وتأثيرها على ديناميكية السوق.

شاركها.