اتفقت مصر والسعودية على تعزيز التعاون في قطاع الطاقة، وتحديداً في مشاريع مدينة “نيوم” الضخمة. ووقعت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية مع شركة “نيوم” اتفاقاً لتشكيل فرق عمل مشتركة لدراسة الفرص المتاحة ووضع آليات للشراكة الاستراتيجية، بهدف زيادة مشاركة الشركات المصرية في تنفيذ مشاريع الطاقة والبنية التحتية في المملكة. هذا التعاون يأتي في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030 لتنويع اقتصادها.
جاء هذا الاتفاق خلال زيارة رسمية قام بها وزير البترول والثروة المعدنية المصري، كريم بدوي، إلى المملكة العربية السعودية. وتهدف الزيارة إلى استكشاف سبل زيادة مساهمة الشركات المصرية في مشاريع الطاقة والبنية التحتية السعودية، وتعزيز الشراكة الثنائية في مجالات النفط والتعدين. وقد أكد الوزير بدوي على اهتمام مصر بمتابعة هذه الفرص وتوسيع نطاق تواجد الشركات المصرية في “نيوم”.
فرص التعاون في مشاريع نيوم
تعتبر مدينة “نيوم” من أبرز المشاريع الاقتصادية العالمية، حيث تهدف إلى تحويل منطقة شمال غرب المملكة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار. وقد بلغت الاستثمارات في المرحلة الأولى من المشروع 1.2 تريليون ريال سعودي، فيما وصل إجمالي الإنفاق على البنية التحتية حتى الآن إلى حوالي 140 مليار ريال، وفقاً لتصريحات دينيس هيكي، الرئيس التنفيذي لشركة “نيوم”، خلال منتدى صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص 2025.
تركز المناقشات الأولية على التكامل في تنفيذ مشاريع الهيدروجين الأخضر، وهو مجال تحظى فيه مصر بتوجهات استراتيجية واعدة. بالإضافة إلى ذلك، استعرض الجانبان فرص التعاون في الصناعات البتروكيماوية، ومواد البناء المتقدمة المستدامة، وتكنولوجيا الطاقة النظيفة، وكفاءة استخدام الطاقة. هذه المجالات تمثل أوجه تكامل محتملة بين الخبرات المصرية ومتطلبات مشروع “نيوم” الطموح.
تأمين المعادن الاستراتيجية
لم يقتصر التعاون على قطاع الطاقة فقط، بل امتد ليشمل قطاع التعدين. وبحثت الأطراف إمكانية التعاون بين هيئة الثروة المعدنية المصرية والصناعات التعدينية السعودية لتأمين احتياجات مدينة “نيوم” من المعادن الاستراتيجية. تعتبر هذه الخطوة ضرورية لضمان استدامة المشروع وتوفير المواد الخام اللازمة لتنفيذه.
وتشمل مدينة “نيوم” عدة مناطق رئيسية، مثل “ذا لاين” و”أوكساغون” و”تروجينا” و”مقنا” و”سندالة”، والتي تهدف كل منها إلى تقديم تجربة فريدة في مجالات مختلفة. هذه التنوع يفتح الباب أمام فرص تعاون واسعة النطاق للشركات المصرية في مختلف القطاعات.
الوفد المصري الذي رافق وزير البترول ضم قيادات من شركتي “بتروجت” و”إنبي”، وهما من الشركات الرائدة في مجال المقاولات الهندسية والبترولية في مصر. تجدر الإشارة إلى أن “بتروجت” تشارك بالفعل في تنفيذ بعض الأعمال ضمن مشروع “نيوم”، مما يعكس الثقة في القدرات المصرية.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية، والتي تشهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. فقد شهدت المملكة استثمارات مصرية كبيرة في مختلف القطاعات، بينما تعتبر السعودية من أهم الشركاء التجاريين والاستثماريين لمصر. كما أن هناك اهتماماً متزايداً بتعزيز التعاون في مجال الطاقة المتجددة، وتبادل الخبرات في هذا المجال.
تعتبر “نيوم” مشروعاً رائداً يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوفير فرص عمل جديدة، وتنويع مصادر الدخل في المملكة. وتعتمد رؤية المشروع على الاستفادة من أحدث التقنيات في مجالات الطاقة والبناء والنقل والاتصالات، لخلق مدينة مستدامة وذكية.
من المتوقع أن تستمر فرق العمل المشتركة في دراسة الفرص المتاحة، وتقديم مقترحات ملموسة لتعزيز التعاون بين الجانبين. وسيراقب المراقبون عن كثب التقدم المحرز في هذه الدراسات، والنتائج التي ستترتب عليها. كما سيتابعون أي تطورات جديدة في مشروع “نيوم”، وتأثيرها على فرص مشاركة الشركات المصرية. من المرجح أن يتم الإعلان عن تفاصيل إضافية حول خطط التعاون خلال الأشهر القليلة القادمة.






