أعلنت الهيئة العامة للرقابة والإحصاء في المملكة العربية السعودية عن إطلاق أداة الذكاء الاصطناعي “سارة” لدعم المراجعين الداخليين. تهدف هذه الأداة إلى تعزيز كفاءة ودقة عمليات المراجعة الداخلية في مختلف القطاعات الحكومية، مما يمثل خطوة مهمة نحو التحول الرقمي في مجال الرقابة الحكومية. وتعتبر أداة الذكاء الاصطناعي بمثابة نقلة نوعية في تطوير آليات العمل الرقابي.
جاء الإعلان خلال تصريحات لمسؤولين في الهيئة عبر قناة “الإخبارية” السعودية، حيث أشاروا إلى الدور المحوري الذي ستلعبه “سارة” في تمكين المراجعين. ولم يتم تحديد تاريخ بدء التشغيل الكامل للأداة بعد، لكن الهيئة أكدت أنها تعمل على دمجها تدريجياً في أنظمة المراجعة الداخلية. ومن المتوقع أن يرتكز استخدام “سارة” بشكل مبدئي على المشاريع والمراجعات ذات الأولوية.
أداة الذكاء الاصطناعي “سارة”: تعزيز الرقابة الداخلية في السعودية
يشكل التحول الرقمي أحد الركائز الأساسية لرؤية المملكة 2030، وتسعى الحكومة السعودية إلى تبني التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات. ويعتبر إطلاق “سارة” جزءًا من هذه الجهود، ويهدف بشكل خاص إلى تطوير وتحسين قطاع الرقابة والإحصاء. تأتي هذه الخطوة في سياق عالمي يشهد تزايدًا في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التدقيق والرقابة.
وظائف “سارة” الرئيسية
لم تكشف الهيئة العامة للرقابة والإحصاء عن تفاصيل كاملة حول الوظائف المحددة التي ستقوم بها “سارة”، ولكن المعلومات المتوفرة تشير إلى أنها ستساعد في أتمتة العديد من المهام التي يؤديها المراجعون حاليًا بشكل يدوي. تشمل هذه المهام تحليل البيانات، وتحديد المخالفات المحتملة، وإعداد التقارير.
من المتوقع أن تتمكن الأداة من معالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة ودقة أكبر من البشر، مما يتيح للمراجعين التركيز على المهام الأكثر تعقيدًا والتي تتطلب حكمًا بشريًا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لـ “سارة” أن تساعد في تحسين جودة التقارير الرقابية من خلال توفير تحليلات أكثر تفصيلاً ورؤى أعمق.
وتشمل القدرات المحتملة لـ “سارة” أيضًا التعرف على الأنماط غير العادية في البيانات، والتنبؤ بالمخاطر المحتملة، واقتراح الإجراءات التصحيحية. هذه القدرات يمكن أن تساعد الهيئة في اتخاذ قرارات أكثر استنارة وتحسين فعالية عمليات الرقابة.
تحليل البيانات الضخمة هو أحد المجالات التي من المتوقع أن تتفوق فيها “سارة”. في الماضي، كان تحليل كميات كبيرة من البيانات يمثل تحديًا كبيرًا للمراجعين، ولكن مع الذكاء الاصطناعي، يمكن إنجاز هذه المهمة بسهولة أكبر.
التحديات المحتملة
على الرغم من الفوائد المحتملة لـ “سارة”، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه الهيئة في عملية تنفيذها. أحد هذه التحديات هو ضمان جودة البيانات التي يتم إدخالها إلى النظام. إذا كانت البيانات غير دقيقة أو غير كاملة، فقد تؤدي “سارة” إلى نتائج خاطئة.
علاوة على ذلك، قد يواجه المراجعون بعض الصعوبة في التكيف مع استخدام أداة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. من المهم توفير تدريب كافٍ للمراجعين لتمكينهم من استخدام “سارة” بفعالية وتحقيق أقصى استفادة منها. وتهدف الهيئة لتطوير مهارات الموظفين في مجال التقنية.
الأمن السيبراني يمثل تحديًا آخر يجب على الهيئة معالجته. يجب التأكد من أن “سارة” محمية بشكل كافٍ من الهجمات السيبرانية وأن البيانات التي تعالجها آمنة وسرية.
من الجدير بالذكر أيضًا أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الحكم البشري. يجب على المراجعين دائمًا مراجعة نتائج “سارة” والتأكد من أنها منطقية ودقيقة قبل اتخاذ أي قرارات.
أكدت الهيئة العامة للرقابة والإحصاء أنها تولي اهتمامًا كبيرًا لضمان الشفافية والمساءلة في عمليات المراجعة الداخلية. ويمكن لهذه الأداة، عند تطبيقها بشكل صحيح، أن تساهم في تحقيق هذه الأهداف.
وفي سياق متصل، تشهد العديد من الدول حول العالم تحولًا مماثلاً في مجال الرقابة الحكومية، حيث يتم تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والدقة. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من الاتجاه العالمي نحو استخدام التكنولوجيا في خدمة الصالح العام.
من المتوقع أن تعلن الهيئة العامة للرقابة والإحصاء عن مزيد من التفاصيل حول “سارة” في الأسابيع القادمة، بما في ذلك خطط التدريب والتنفيذ. كما ستراقب الهيئة عن كثب أداء الأداة وتقوم بإجراء التعديلات اللازمة لضمان تحقيق أهدافها المرجوة. الخطوة التالية ستكون تقييم أثر التحول الرقمي على جودة المراجعة.
يبقى أن نرى كيف ستؤثر “سارة” على عمليات المراجعة الداخلية في المملكة العربية السعودية على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن إطلاق هذه الأداة يمثل خطوة واعدة نحو بناء نظام رقابة حكومية أكثر كفاءة وفعالية.





