شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأسبوع الماضي، مسجلة مكاسب أسبوعية مدفوعة بتقييم المستثمرين لآفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا، بالإضافة إلى تجاوز خام برنت والعربي الخفيف مستويات فنية مهمة. تراوح سعر خام غرب تكساس الوسيط حول 60 دولارًا للبرميل، مما يعكس استمرار حالة عدم اليقين والتقلبات في السوق.

ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.7% في نهاية تعاملات الجمعة، بينما استمرت المفاوضات الأوكرانية مع مسؤولين أمريكيين في فلوريدا لليوم الثاني على التوالي. لكن، تواجه هذه المفاوضات عقبات، حيث أعربت روسيا عن اعتراضاتها على بعض جوانب خطة السلام المدعومة من الولايات المتحدة. هذا التطور يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي ويؤثر على توقعات سوق الطاقة.

تذبذب أسعار النفط بين المخاطر الجيوسياسية وفائض العرض المحتمل

تراقب الأسواق عن كثب أي تطورات نحو تسوية سياسية قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا وزيادة إمداداتها النفطية، وهو ما قد يضغط على الأسعار. ومع ذلك، يشير تبني أوكرانيا مسؤولية هجوم على مصفاة سيزران وميناء تيمريوك الروسيين إلى استمرار التوترات، مما يعيق تحقيق تقدم كبير في المفاوضات.

بالتزامن مع ذلك، أبلغت مصادر عن ضغوط تمارسها واشنطن على الدول الأوروبية لمنعها من استخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان لقرض مالي كبير لصالح أوكرانيا. هذا الإجراء المحتمل يثير تساؤلات حول الدعم المالي والاقتصادي الذي ستحصل عليه أوكرانيا وكيف سيؤثر ذلك على الاستقرار الإقليمي.

الضغوط على الأسعار العالمية

على الرغم من الزخم الصعودي الأخير، تظل توقعات فائض المعروض من النفط في السوق بمثابة عامل ضغط هابط على الأسعار. أعلنت أرامكو السعودية عن تخفيض سعر خامها القياسي “العربي الخفيف” لشهر يناير إلى أدنى مستوى له منذ عام 2021، في خطوة تعكس محاولتها الحفاظ على حصتها في السوق. كما شهدت أسعار النفط الكندي انخفاضًا مماثلًا.

زاد الزخم الصعودي مع إغلاق سعر خام غرب تكساس الوسيط تعاملات الجمعة فوق متوسطه المتحرك لـ50 يوماً، وهو ما يعتبره المحللون إشارة فنية إيجابية. وذكر دان غالي، استراتيجي السلع في تي دي سيكيوريتيز، أن هذه الجلسة تمثل أول تغطية واضحة للمراكز البيعية منذ فترة، وأنه من غير المرجح أن تتوقف موجة الشراء في الأسبوع المقبل.

تشير بيانات بيكر هيوز إلى زيادة في عدد منصات حفر النفط الخام في الولايات المتحدة بمقدار 6 منصات خلال الأسبوع الماضي، مما يشير إلى زيادة محتملة في الإنتاج الأمريكي. هذه الزيادة في عدد المنصات تضيف إلى مخاوف بشأن زيادة المعروض في السوق، خاصة مع استمرار جهود بعض الدول المنتجة لزيادة إنتاجها.

تعزى المكاسب الأسبوعية لأسعار النفط أيضًا إلى تغطية بعض الصناديق الاستثمارية لمراكزها القصيرة، وذلك بعد فترة من البيع المكثف. ويرجع هذا التغطية إلى تقييم جديد للمخاطر الجيوسياسية وتوقع استمرار الطلب على النفط.

تأثير الأوضاع الجيوسياسية على السوق

تؤثر التوترات الجيوسياسية المستمرة في أوكرانيا بشكل كبير على أسعار النفط، حيث يخشى المستثمرون من احتمال تعطيل الإمدادات. ومع ذلك، فإن زيادة المعروض من النفط من مصادر أخرى، مثل الولايات المتحدة، قد تخفف من هذه المخاوف. كما أن استمرار الضغط على الدول الأوروبية بشأن القروض لأوكرانيا قد يؤثر على مشهد الدعم الاقتصادي و بالتالي الطلب على الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، يراقب المستثمرون عن كثب أي تطورات في سياسة المملكة العربية السعودية وإمداداتها النفطية، حيث تعتبر السعودية أكبر منتج للنفط في العالم. قرارات أرامكو السعودية بشأن تسعير النفط لها تأثير كبير على الأسعار العالمية.

تعتبر أسعار النفط من العوامل الرئيسية التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، حيث تؤثر على تكاليف النقل والإنتاج والتضخم. لذلك، فإن التقلبات في أسعار النفط يمكن أن يكون لها تأثير كبير على النمو الاقتصادي والاستقرار المالي.

من المتوقع أن تستمر الأسواق في مراقبة التطورات الجيوسياسية والاقتصادية في الأيام والأسابيع المقبلة. ستكون المفاوضات بشأن أوكرانيا، وقرارات أوبك بشأن الإنتاج، والبيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة والصين من بين العوامل الرئيسية التي ستؤثر على أسعار النفط. ويتوقع المحللون استمرار حالة عدم اليقين والتقلبات في السوق في المدى القصير.

شاركها.