استقرت مستويات إنتاج النفط لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في شهر نوفمبر الماضي، حيث حافظت المجموعة على نهج حذر في ظل تراجع أسواق النفط العالمية. يأتي هذا الاستقرار في الإنتاج بعد اتفاق سابق بين أوبك والدول المنتجة الأخرى على زيادة محدودة في الإنتاج، مع مراقبة دقيقة لظروف السوق المتغيرة.
أظهر المسح الذي أجرته بلومبرغ أن دول أوبك ضخت ما يزيد قليلاً عن 29 مليون برميل يومياً في نوفمبر، وهو مستوى مماثل لما تم تسجيله في الشهر السابق. يعكس هذا التباطؤ في الزيادة تحولاً في استراتيجية أوبك، التي كانت قد سعت في وقت سابق إلى زيادة الإنتاج بوتيرة أسرع.
تطورات إنتاج النفط في أوبك خلال نوفمبر
تشير المؤشرات إلى وجود فائض في المعروض من النفط في الأسواق العالمية، ومن المتوقع أن يتفاقم هذا الفائض في العام المقبل مع زيادة الإمدادات من أوبك والدول المنافسة، بينما يظل نمو الطلب محدوداً. وقد انخفضت أسعار النفط بنسبة 15% هذا العام، لتستقر حول 63 دولاراً للبرميل في لندن. كما قامت شركة أرامكو السعودية بخفض سعر خامها القياسي إلى أدنى مستوى له منذ خمس سنوات، مما يعكس الضغوط على الأسعار.
قرر أعضاء رئيسيون في مجموعة أوبك+، بقيادة السعودية وروسيا، في الشهر الماضي تجميد زيادات الإنتاج خلال الربع الأول من عام 2026، وذلك في ظل توقعات بتباطؤ الطلب الموسمي على النفط. يهدف هذا التجميد أيضاً إلى منح المجموعة وقتاً لتقييم تأثير العوامل الجيوسياسية على الإمدادات من روسيا وفنزويلا.
تباين في مساهمات الدول الأعضاء
في نوفمبر، تعوضت الزيادة الطفيفة في الإنتاج من دولة الإمارات العربية المتحدة عن انخفاضات طفيفة في عدد من الدول الأعضاء الأخرى في أوبك، بما في ذلك إيران والغابون والمملكة العربية السعودية. وقامت الإمارات بزيادة إنتاجها بمقدار 60 ألف برميل يومياً ليصل إلى 3.61 مليون برميل يومياً، وهو مستوى يتجاوز حصتها المتفق عليها في أوبك+.
ومع ذلك، تشير البيانات الرسمية إلى أن أبوظبي تلتزم بشكل عام بالحدود المتفق عليها. في أبريل الماضي، فاجأت أوبك+ الأسواق بزيادة مفاجئة في الإنتاج، على الرغم من المؤشرات التي تشير إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وزيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
السعي لاستعادة الحصة السوقية
يعتقد بعض المسؤولين أن هذه الخطوة تعكس رغبة المملكة العربية السعودية في استعادة حصتها السوقية التي تراجعت في السنوات الأخيرة لصالح منتجين آخرين، مثل شركات النفط الصخري الأمريكية. كما تهدف إلى معالجة تجاوزات بعض الأعضاء الذين تجاوزوا حصصهم الإنتاجية المحددة.
لكن الزيادات الفعلية في الإنتاج لم تصل إلى المستويات المعلنة، حيث تسعى بعض الدول لتعويض الإنتاج الزائد السابق، بينما تواجه دول أخرى صعوبات تقنية في زيادة إنتاجها. وفي اجتماع عبر الإنترنت في 30 نوفمبر، اتفقت المجموعة على آلية لمراجعة الطاقات الإنتاجية الفعلية للدول الأعضاء لتحديد حصص أكثر دقة في السنوات المقبلة.
من المقرر أن تعقد السعودية وسبع من أبرز الدول الشريكة في أوبك+ اجتماعاً عبر الفيديو في 4 يناير لمراجعة خططها بشأن تجميد زيادات الإنتاج خلال الربع الأول من العام المقبل. يعتمد مسح بلومبرغ للإنتاج على بيانات تتبع الشحنات ومعلومات من مسؤولين وتقديرات من عدة مصادر متخصصة في تحليل سوق النفط، بما في ذلك “رابيدان إنرجي غروب” و”إف جي إي” و”كبلر” و”ريستاد إنرجي”.
تظل أسواق النفط عرضة للتقلبات، حيث تعتمد على تطورات اقتصادية وجيوسياسية متعددة. سيراقب المستثمرون عن كثب نتائج اجتماع أوبك+ في يناير، بالإضافة إلى بيانات الإنتاج والاستهلاك العالمية، لتقييم مسار أسعار النفط في المستقبل القريب. كما أن تطورات الأوضاع في روسيا وفنزويلا ستظل عاملاً مهماً يؤثر على ديناميكيات العرض في السوق.





