تواجه الشركات الناشئة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي (AI) تحديات غير متوقعة في ترجمة الإمكانات النظرية لهذه التقنية إلى تطبيقات عملية ومفيدة للمستهلكين. على الرغم من التمويل الضخم والخبرات الواسعة في مجال التجارة الرقمية، وجدت جولي بورنستين، مؤسسة شركة Daydream، صعوبة في تحقيق رؤيتها لتقديم تجربة تسوق أزياء شخصية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. هذا التأخير في تحقيق العائد الملموس من الاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات حول وتيرة الابتكار والتوقعات المبالغ فيها.

تأسست Daydream بتمويل قدره 50 مليون دولار من شركات رأس المال الاستثماري مثل Google Ventures، بهدف إحداث ثورة في طريقة اكتشاف المستهلكين للملابس المناسبة. ومع ذلك، كشفت تجربة بورنستين و CTO الخاصة بها، ماريا بيلوسوفا، عن تعقيدات جمة في تطوير هذه التطبيقات، بدءًا من فهم دقيق لاحتياجات العملاء وصولًا إلى ضمان موثوقية نماذج الذكاء الاصطناعي المستخدمة. هذه الصعوبات تعكس اتجاهًا أوسع في الصناعة، حيث تواجه العديد من الشركات صعوبة في تحويل الوعود الكبيرة للذكاء الاصطناعي إلى نتائج ملموسة.

تحديات تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجال الأزياء

لم يكن ربط Daydream بواجهات برمجة التطبيقات (APIs) لنماذج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT هو الجزء الصعب. بل كان التحدي الأكبر يكمن في فهم السياق الدقيق لطلبات العملاء. فطلب بسيط مثل “أحتاج إلى فستان لحفل زفاف في باريس” يتطلب سلسلة من الأسئلة التفصيلية لتحديد المناسبة، والموسم، ومستوى الرسمية، والتفضيلات الشخصية.

التعقيد اللغوي وتضارب النماذج

أشارت بورنستين إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تفتقر إلى الاتساق والموثوقية، مما يؤدي إلى “هلوسات” أو استنتاجات غير منطقية. على سبيل المثال، قد يطلب المستخدم فستانًا يناسب شكل جسم معين، لكن النموذج يقترح فساتين ذات أنماط هندسية بدلاً من التركيز على الشكل المطلوب. هذا التضارب في الاستجابات بين النماذج المختلفة يزيد من صعوبة مهمة Daydream.

فهم “مفردات” المشتري والبائع

أدركت بورنستين أن Daydream يجب أن تحل مشكلة مزدوجة: فهم ما يقوله العميل وترجمته إلى معايير يمكن للبائعين فهمها، ثم مطابقة هذه المعايير مع المنتجات المتاحة. هناك فجوة كبيرة بين “مفردات” المشتري، التي تعتمد على الأوصاف العامة والمشاعر، و”مفردات” البائع، التي تركز على الفئات والخصائص التقنية. تخيل طلبًا مثل “أحتاج إلى فستان للانتقام لحفل بار ميتزفا يحضره حبيبي السابق وزوجته الجديدة” – يتطلب هذا فهمًا عميقًا للسياق الثقافي والعاطفي.

لم يكن الحل بسيطًا، واضطرت بورنستين إلى تأجيل الإطلاق الرسمي للتطبيق وتحديث فريقها التقني. في ديسمبر 2024، تم تعيين ماريا بيلوسوفا، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Grubhub، لتولي منصب CTO، وجلبت معها فريقًا من المهندسين المتميزين. تعتبر Daydream الآن فرصة فريدة للعمل على مشكلة معقدة ومثيرة للاهتمام في مجال التعلم الآلي.

ركزت Daydream على استخدام نماذج بصرية لفهم المنتجات بشكل أكثر دقة. فبدلاً من الاعتماد على اللغة فقط، يمكن للعملاء مشاركة صور لألوان معينة أو مجوهرات يرتدونها، مما يساعد النموذج على تقديم اقتراحات أكثر ملاءمة. وقد أدى هذا التغيير إلى تحسين النتائج، على الرغم من أن التطبيق لا يزال في مرحلة الاختبار التجريبي (بيتا).

أصبح نهج Daydream الآن يعتمد على “مجموعة من النماذج” المتخصصة، حيث يقوم كل نموذج بتحليل جانب معين من الطلب، مثل اللون أو النسيج أو الموسم أو الموقع. على سبيل المثال، وجدت الشركة أن نماذج OpenAI تتفوق في فهم عالم الأزياء، بينما تتميز نماذج Google Gemini بالسرعة والدقة. هذا التنوع في النماذج يسمح لـ Daydream بتقديم تجربة أكثر تخصيصًا وفعالية.

على الرغم من التقدم المحرز، لا يزال هناك مجال للتحسين. ففي اختبار حديث، أظهر طلب “بنطلون بدلة أسود” اقتراحات تتضمن بنطلونات رياضية باللون البيج بالإضافة إلى البنطلونات المطلوبة. هذا يوضح أن التطبيق لا يزال في مرحلة التطوير ويتطلب المزيد من التعديلات.

تأتي هذه التحديات في سياق أوسع من التوقعات المتزايدة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي. ففي حين أظهرت تقنيات مثل ChatGPT قدرات مذهلة في معالجة اللغة الطبيعية، إلا أنها لم تحقق بعد زيادة كبيرة في الإنتاجية في معظم المجالات. تشير دراسة حديثة إلى أن 19 من أصل 20 مشروعًا تجريبيًا للذكاء الاصطناعي في المؤسسات لم تسفر عن قيمة قابلة للقياس.

ومع ذلك، لا يزال هناك أمل في أن هذه التقنيات ستحدث تحولًا حقيقيًا في المستقبل. فالشركات الناشئة مثل Daydream، التي تواصل الابتكار والتجريب، قد تكون قادرة على التغلب على هذه التحديات وفتح إمكانات جديدة للذكاء الاصطناعي.

من المتوقع أن تظل Daydream في مرحلة الاختبار التجريبي حتى عام 2026، مع التركيز على جمع المزيد من البيانات وتحسين أداء النماذج. سيكون من المهم مراقبة تقدم الشركة وتقييم ما إذا كانت قادرة على تحقيق رؤيتها لتقديم تجربة تسوق أزياء شخصية حقًا. كما يجب الانتباه إلى التطورات في مجال نماذج الذكاء الاصطناعي البصرية واللغوية، حيث يمكن أن تلعب هذه التطورات دورًا حاسمًا في نجاح Daydream والشركات المماثلة.

شاركها.