أعلنت تايوان الأسبوع الماضي عن مقترح ميزانية دفاعية تكميلية ضخمة بقيمة 40 مليار دولار، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدراتها العسكرية في مواجهة الضغوط العسكرية المتصاعدة من جمهورية الصين الشعبية. هذا الإعلان يمثل تأكيدًا على جدية تايوان في الحفاظ على استقلالها الديمقراطي ورفض مطالبات بكين الإقليمية، التي لم تمارس سيطرتها على تايوان ليوم واحد. وتعتبر هذه الزيادة في الإنفاق الدفاعي جزءًا من جهود أوسع لتعزيز الاستعدادات العسكرية للجزيرة.

ميزانية الدفاع التايوانية و ردود الأفعال الدولية

أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ترحيبهم بإعلان تايوان، موضحًا أن الولايات المتحدة تدعم حصول تايوان على القدرات الدفاعية الضرورية، بما يتماشى مع قانون العلاقات مع تايوان والتزاماتها المستمرة التي تستمر لأكثر من 45 عامًا. وأشار المتحدث إلى أن هذه الميزانية تأتي استجابةً للتهديدات المتزايدة التي تواجهها تايوان من الصين.

أشاد الجانب الأمريكي أيضًا بالتزام إدارة لاي بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026 وإلى 5٪ بحلول عام 2030، معتبرًا ذلك دليلًا على تصميم تايوان على تعزيز قدراتها الدفاعية الذاتية. يعكس هذا الدعم الأمريكي المستمر التزامها بدعم تايوان في مواجهة التحديات الأمنية.

ردود الفعل الآسيوية

كما كان رد المعهد الأمريكي في تايوان (AIT)، وهو السفارة الأمريكية الفعلية في تايوان، إيجابيًا للغاية. وصفت كورتني دونوفان سميث، وهي محللة سياسية في صحيفة تايبيه تايمز، الدعم القوي من المعهد الأمريكي بأنه “ختم موافقة أمريكي علني”.

وفي اليوم التالي لإعلان لاي، صرح وزير الدفاع التايواني ويلينغتون كوو للصحافة بأنه جرت بالفعل محادثات أولية مع الولايات المتحدة حول أنواع الأسلحة التي ترغب تايوان في شرائها في إطار هذه الميزانية، والتي ستستمر من عام 2026 إلى عام 2033. ومع ذلك، أوضح كوو أنه لا يستطيع الكشف عن أي تفاصيل حول المناقشات حتى يتم إخطار الكونجرس الأمريكي رسميًا.

على الرغم من الدعم الظاهر، أعرب بعض المراقبين التايوانيين عن قلقهم بشأن اللهجة التي بدت متواضعة بعض الشيء من جانب الإدارة الأمريكية، وبأنها لم تأتِ من مسؤولين رفيعي المستوى بما يكفي. يعتقد هؤلاء أن التوقيت قد يكون حساسًا، خاصة في أعقاب اتفاق تجاري بين الرئيس الأمريكي السابق ترامب والقائد الصيني شي جين بينغ، ومكالمة هاتفية بين شي وترامب أصر خلالها على مطالبات بكين بـتايوان.

تحديات داخلية و ردود فعل صينية

على الرغم من هذه المخاوف، أكد محلل المخاطر السياسية روس فاينغولد، المحاضر المساعد في جامعة تامكانغ، أن الدعم الأمريكي لم يتغير بشكل أساسي، وأن الولايات المتحدة ستكون على استعداد لبيع الأسلحة لتايوان طالما كانت تايوان مشترية راغبة. يتعلق الأمر بمسألة القدرة على الشراء و الاستعداد للاستثمار في الدفاع.

إضافة إلى ذلك، أثار انتخاب ساناي تاكايشي، رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة والمحافظة، في أكتوبر، قلق بكين. يبدو أنها تخلت عن الغموض الاستراتيجي الياباني التقليدي بشأن تايوان عندما سُئلت في البرلمان عما إذا كان الهجوم الصيني على تايوان سيشكل تهديدًا لبقاء اليابان. وأكدت تاكايشي أن أي استخدام للقوة العسكرية قد يمثل تهديدًا وجوديًا لليابان.

أدانت الصين بشدة تصريحات تاكايشي، واصفًا إياها بأنها “شائنة”. وقام أحد الدبلوماسيين الصينيين في أوساكا بمشاركة تغطية إخبارية على منصة X مع تحذير ضمني: “الرأس القذر الذي يتدخل يجب أن يُقطع”.

ويشير المحللون إلى أن هذه التصريحات اليابانية تعكس تحولًا في السياسة الخارجية اليابانية، ويعكس قلقًا متزايدًا بشأن النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة. ويدعو المراقبون إلى رد فعل قوي وحاسم من جانب الولايات المتحدة على التهديدات الصينية ضد اليابان ورئيسة وزرائها.

إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه الرئيس لاي هو الداخلي. لا تزال تايوان بحاجة إلى الحصول على موافقة البرلمان ذي الغرفة الواحدة، حيث لا يمتلك الحزب التقدمي الديمقراطي الذي ينتمي إليه لاي أغلبية بسيطة. ويتوقع أن يعارض الحزب الوطني الصيني (KMT) بشدة زيادة الإنفاق الدفاعي، معتبرًا أن تايوان “ليست صرافًا آليًا” للميزانيات العسكرية “غير المعقولة”.

يرفض الحزب الوطني الصيني بشكل قاطع دعم زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ويدعو إلى استئناف الحوار مع بكين وقبول “إجماع 1992″، وهو إطار مقترح يسمح للجانبين بالادعاء بوجود “صين واحدة” مع تفسير المعنى بشكل مختلف. ويرفض لاي هذا الموقف بشكل قاطع، معتبرًا إياه طريقًا نحو الخضوع للصين. و يرى المعارضون ضرورة توجيه الاستثمارات نحو مجالات أخرى، مثل الرعاية الصحية و الرفاه الاجتماعي.

الخطوات القادمة

مع استمرار التوترات بين الصين وتايوان، من المتوقع أن تخوض إدارة لاي معركة سياسية شرسة من أجل الحصول على الموافقة على ميزانية الدفاع التكميلية. وتقول تقديرات إن لاي يحتاج فقط إلى ستة مستشارين من المعارضة للانضمام إليه لتمرير القانون. وتحتاج الحكومة التايوانية أيضًا إلى إقناع الجمهور بضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي، وتسليط الضوء على أهمية الاستثمار في القدرات الدفاعية الذاتية. سيراقب المراقبون عن كثب تطورات الوضع في البرلمان التايواني و رد فعل الحكومة الصينية على هذه الخطوات.

شاركها.