يستعد بنك اليابان لاتخاذ قرار تاريخي بشأن رفع أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب في ديسمبر، في خطوة من شأنها أن تمثل تحولاً كبيراً في السياسة النقدية التي استمرت لعقود. يأتي هذا التحول وسط توقعات بتعافي الاقتصاد الياباني واستمرار الضغوط التضخمية، مما يدفع البنك المركزي إلى إعادة تقييم موقفه. وتتركز الأنظار الآن على تحديد حجم الرفع ومدى التزامه بمزيد من التشديد النقدي في المستقبل.

يأتي هذا التطور بعد سنوات من السياسات النقدية فائقة التيسير، والتي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد ومكافحة الانكماش. لكن مع ارتفاع التضخم عالمياً، وتزايد الضغوط على سلاسل الإمداد، يشعر بنك اليابان بأنه بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لضمان استقرار الأسعار. ويشير مسؤولو البنك إلى أن رفع الفائدة هو إجراء ضروري لمواجهة هذه التحديات.

رفع وشيك لأسعار الفائدة في اليابان

وفقًا لمصادر مطلعة، من المرجح أن يرفع بنك اليابان سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية ليصل إلى 0.75% في ختام اجتماع السياسة النقدية الذي يبدأ في 19 ديسمبر. سيرفع هذا الإجراء المعدل الرئيسي إلى أعلى مستوى له منذ عام 1995. ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا القرار يعكس ثقة متزايدة في تعافي الاقتصاد الياباني.

أظهر الين الياباني رد فعل إيجابيًا على هذه الأنباء، حيث ارتفع أمام الدولار في تعاملات ما بعد الظهيرة في طوكيو، مسجلاً نحو 154.56 مقابل الدولار، بعد أن تخطى حاجز 155 قبل انتشار الخبر. يعكس هذا الارتفاع توقعات المستثمرين بأن رفع الفائدة سيجعل الين أكثر جاذبية.

تأثير تصريحات محافظ البنك المركزي

تعززت التوقعات برفع وشيك للفائدة هذا الأسبوع بعد تصريحات محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، والذي أكد أن المجلس سيتخذ القرار المناسب بشأن الفائدة. ووصفت هذه التصريحات بأنها مشابهة لتلك التي سبقت رفع تكاليف الاقتراض في يناير الماضي، ما أثار تكهنات قوية حول اتجاه البنك.

دعم حكومي محتمل

تشير التقارير إلى أن الأعضاء الرئيسيين في حكومة رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي لن يعارضوا قرار بنك اليابان برفع الفائدة في ديسمبر. يُذكر أن تاكايتشي تدعم عادةً سياسات التيسير النقدي، ولكن مراقبي بنك اليابان يرون أن موقفها أصبح أكثر مرونةً في ضوء الظروف الاقتصادية الحالية.

بالإضافة إلى ذلك، يرى مسؤولو بنك اليابان أن فرص تحقيق توقعاتهم الاقتصادية أصبحت أقوى مع تزايد وضوح تأثير الرسوم الأميركية وتواصل الشركات في تحقيق أرباح قوية. هذا يسمح للشركات بزيادة الأجور، وهو ما يعزز الطلب المحلي ويساهم في النمو الاقتصادي. وتشمل العوامل الأخرى التي تؤثر على القرار، تقارير حول سوق العملة والتضخم.

التحول التدريجي في السياسة النقدية

يؤكد بنك اليابان أن رفع الفائدة المحتمل لا يمثل نهاية سياسة التيسير النقدي، بل هو تعديل تدريجي يهدف إلى تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم. ويرى البنك أن الأوضاع المالية ستظل داعمة للاقتصاد، حيث أن معدل الفائدة الحقيقي سيظل دون الصفر.

ويقدر بنك اليابان أن المعدل الحيادي للفائدة يتراوح بين 1% و2.5%. ومع ذلك، يواجه المسؤولون صعوبة في تحديد هذا المستوى بدقة أو تضييق نطاقه، مما قد يدفعهم إلى تبني نهج حذر في رفع الفائدة. سيراقب البنك عن كثب تأثير كل خطوة على الاقتصاد قبل اتخاذ قرار بالمزيد من الإجراءات.

من المقرر أن يصدر بنك اليابان تقرير “تانكان” الفصلي لمناخ الأعمال في الأسبوع التالي، قبل أيام قليلة من اجتماع السياسة النقدية. سيوفر هذا التقرير رؤى قيمة حول صحة الاقتصاد الياباني ويساعد البنك في اتخاذ قراره النهائي. وفي الوقت نفسه، يراقب بنك اليابان عن كثب اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع المقبل، حيث من المتوقع مناقشة خفض الفائدة، وقد تؤثر التوجهات المستقبلية بشأن السياسة النقدية الأميركية على حركة الأسواق وسعر صرف الين.

بشكل عام، من المتوقع أن يشير بنك اليابان إلى استعداده لتقييم تأثير رفع الفائدة المحتمل على الاقتصاد، وتحديد إلى أي مدى يمكنه المضي قدمًا في تشديد السياسة النقدية. يبقى الوضع الاقتصادي العالمي، وتطورات التضخم، وعقود العملة، وتصريحات وزارة المالية اليابانية من بين العوامل الرئيسية التي ستشكل قرارات البنك في المستقبل القريب. سيراقب المستثمرون عن كثب اجتماع ديسمبر لتقييم المسار المستقبلي للسياسة النقدية في اليابان.

شاركها.