:

حذر داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك (Anthropic)، وهي من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، من أن بعض منافسيه ينفقون ببذخ شديد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما قد يؤدي إلى مخاطر غير محسوبة. جاءت تصريحات أمودي خلال مشاركته في قمة DealBook لصحيفة نيويورك تايمز، حيث أشار إلى أن الاستثمار في تطوير هذه التقنيات يحمل في طياته مخاطر، لكن بعض الشركات تتجاوز الحدود المعقولة في إنفاقها.

مخاوف متزايدة بشأن فقاعة الذكاء الاصطناعي

أكد أمودي على وجود “مخاطر جوهرية” لا يمكن تجنبها في تطوير تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، أضاف أن بعض الشركات لا تدير هذه المخاطر بشكل فعال، بل تتخذ “مخاطر غير حكيمة”. تجنب أمودي ذكر أسماء الشركات المعنية بشكل مباشر، لكنه وصفها بأنها شركات استهلاكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي ولديها هوامش ربح غير مؤكدة، وتدار من قبل أشخاص يميلون إلى المخاطرة أو السعي لتحقيق أرقام كبيرة.

تعتبر أنثروبيك واحدة من بين العديد من الشركات المتنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تتصدر جوجل (Google)، وأوبن إيه آي (OpenAI)، ومايكروسوفت (Microsoft)، وميتا (Meta) قائمة أبرز المنافسين. وقد شهدت هذه الشركات استثمارات بمليارات الدولارات في تطوير قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التزام أوبن إيه آي بإنفاق أكثر من تريليون دولار.

تحديات التخطيط المالي في ظل التطور السريع

أشار أمودي إلى المعضلة الحقيقية التي تواجه الشركات في تحديد حجم الاستثمار المناسب في مراكز البيانات، خاصةً مع عدم اليقين بشأن سرعة نمو القيمة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي. وأوضح أنه كان عليه اتخاذ قرارات بشأن تمويل الخوادم في عام 2024 لخدمة النماذج التي ستُستخدم في عام 2027، مما يبرز صعوبة التخطيط في هذا المجال سريع التطور.

عدم بناء عدد كافٍ من الخوادم قد يعيق قدرة الشركة على تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بينما الإنفاق المفرط قد يؤدي إلى الإفلاس. هذه التحديات المالية تزيد من المخاوف بشأن احتمال ظهور “فقاعة” في سوق الذكاء الاصطناعي.

لم يكن أمودي الوحيد الذي أعرب عن قلقه بشأن فقاعة الذكاء الاصطناعي. فقد صرح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، في أغسطس الماضي، بأن هناك احتمالًا لوجود فقاعة في هذا المجال، وفقًا لما ذكرته مجلة The Verge. كما حذر جيف بيزوس، مؤسس أمازون، من المبالغة في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي خلال مشاركته في أسبوع التكنولوجيا الإيطالي في أكتوبر.

وقد بدأت هذه المخاوف تؤثر على حماس المستثمرين في وول ستريت تجاه أسهم شركات الذكاء الاصطناعي. فقد انخفض سعر سهم شركة نفيديا (Nvidia) بنسبة 13٪ خلال الشهر الماضي، على الرغم من ارتفاعه بأكثر من 33٪ منذ بداية العام. هذا الانخفاض يعكس تزايد الحذر بشأن تقييمات هذه الشركات.

تأثير الاستثمار المفرط على سوق التكنولوجيا

يشير هذا التحذير إلى أن المنافسة الشديدة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تدفع الشركات إلى اتخاذ قرارات استثمارية متهورة. التركيز المفرط على النمو السريع قد يطغى على الاعتبارات المتعلقة بالربحية والاستدامة المالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التكاليف المتزايدة لبناء وتشغيل البنية التحتية اللازمة للذكاء الاصطناعي، مثل مراكز البيانات، تزيد من الضغط على الشركات. الذكاء الاصطناعي التوليدي تحديدًا يتطلب قدرة حاسوبية هائلة.

تعتبر قضية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي حيوية بالنسبة للمستثمرين وصناع السياسات على حد سواء. فقد يؤدي انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي إلى خسائر فادحة للمستثمرين وتراجع في الابتكار. من ناحية أخرى، فإن الاستثمار الحكيم في هذا المجال يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة.

من المتوقع أن تستمر المناقشات حول تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي ومخاطر الفقاعة في الأشهر المقبلة. سيكون من المهم مراقبة أداء الشركات الرائدة في هذا المجال، وتقييم قدرتها على تحقيق أرباح مستدامة. كما سيكون من الضروري متابعة التطورات التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، والتي قد تؤثر على بيئة الاستثمار.

شاركها.