خلال فعاليات مؤتمر “إم دبليو سي” (MWC)، حظي جناح شركة غوغل بإقبال كبير من الزوار الراغبين في التعرف على أحدث منتجاتها، وخاصةً نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة. وكشفت غوغل عن تفاصيل مهمة حول نموذجها المتقدم جيميناي 3.0، مما أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط التقنية. التقت الجزيرة بغسّان كوستا، المدير العام الإقليمي لغوغل كلاود في قطر والبحرين وعمان والعراق، لمناقشة هذه التطورات ومستقبل الذكاء الاصطناعي.
أكد كوستا أن جيميناي 3.0 ليس مجرد قفزة نوعية، بل هو تتويج لجهود استمرت 27 عامًا في بناء منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي. وأضاف أن قوة هذا النموذج لا تكمن فقط في خوارزمياته، بل في البنية التحتية المتطورة التي تدعمه، وهذا ما يميز غوغل عن غيرها من الشركات في هذا المجال المتنامي.
الإخفاقات نقطة تحول نحو تطوير جيميناي 3.0
لم يكن طريق غوغل نحو جيميناي 3.0 مفروشًا بالورود، فقد واجهت الشركة تحديات كبيرة وإخفاقات خلال الفترة الماضية، أبرزها إطلاق نموذج “بارد” في عام 2023 والذي لم يحقق التوقعات. وقد أدى هذا الإخفاق إلى خسائر في القيمة السوقية للشركة وتعرضها لانتقادات واسعة.
وفقًا للتقارير، كان هناك انقسام داخلي بين فرق العمل المكلفة بتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، مما أثر سلبًا على وتيرة التطوير. كما أن النسخة الأولى من جيميناي لم تتمكن من منافسة نماذج أخرى مثل GPT-4، مما دفع بعض المحللين إلى القول بأن غوغل فقدت ريادتها في هذا المجال.
بناء منظومة الذكاء الاصطناعي: رؤية غوغل الشاملة
يرى كوستا أن سر نجاح جيميناي 3.0 يكمن في المنظومة المتكاملة التي عملت عليها غوغل لسنوات طويلة. وأوضح أن هذه المنظومة تتكون من خمس طبقات رئيسية، تبدأ من العتاد التقني (شرائح TPU) وتنتهي بنموذج الذكاء الاصطناعي نفسه.
العتاد: شرائح TPU المتطورة
تتميز غوغل بتطوير شرائح معالجة مخصصة للذكاء الاصطناعي، وهي شرائح TPU (Tensor Processing Units). هذه الشرائح مصممة خصيصًا لتسريع عمليات التدريب والتشغيل، وهي أكثر كفاءة من معالجات الرسوميات (GPUs) التقليدية المستخدمة من قبل معظم الشركات الأخرى. وقد ساهم الجيل السادس من شرائح TPU، المعروف باسم Trillium، في تحقيق أداء استثنائي لجيميناي 3.0.
السحابة: البنية التحتية القوية
تعتمد غوغل على سحابتها الخاصة، Google Cloud، لتوفير البنية التحتية اللازمة لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي. تتميز سحابة غوغل بتكاملها التام مع شرائح TPU، مما يتيح لها معالجة كميات هائلة من البيانات بكفاءة عالية. وتعتبر هذه السحابة العمود الفقري لقوة جيميناي 3.0.
سلسلة الذكاء الاصطناعي: الأطر والأدوات الداخلية
تمتلك غوغل سلسلة كاملة من الأطر والأدوات والأنظمة الوسيطة المصممة خصيصًا لبناء نماذج الذكاء الاصطناعي. من بين هذه الأدوات TensorFlow، وهو إطار عمل مفتوح المصدر طورته غوغل. يسمح هذا التكامل لغوغل بتحسين النماذج بشكل مستمر وضبطها لتلبية احتياجاتها الخاصة.
البيانات: الوقود الذي يغذي النماذج
تعتبر البيانات من أهم العوامل التي تحدد أداء نماذج الذكاء الاصطناعي. وتمتلك غوغل كمية هائلة من البيانات المتنوعة، بفضل خدماتها المنتشرة مثل محرك البحث يوتيوب وخرائط غوغل. وتساهم هذه البيانات في تدريب نماذج أكثر دقة وذكاءً، مثل جيميناي 3.0. وقد أظهر نموذج Nano Banana، الذي أطلقته غوغل مؤخرًا، قدرة فائقة بفضل البيانات الغنية التي تدرب عليها.
النموذج: العقل المدبر
جيميناي 3.0 ليس مجرد نموذج لغوي، بل هو نظام ذكاء اصطناعي متعدد الوسائط قادر على فهم ومعالجة النصوص والصور والفيديو والصوت. يعتمد النموذج على معمارية متقدمة تتيح له التعامل مع كميات كبيرة من البيانات وتحقيق أداء استثنائي.
مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثير جيميناي 3.0
تعتبر جيميناي 3.0 خطوة مهمة في تطوير الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يكون لها تأثير كبير على مختلف الصناعات. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة، مثل الحاجة إلى تحسين كفاءة الطاقة وتقليل التكاليف. ومن المرجح أن تستمر غوغل في الاستثمار في تطوير منظومة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، بهدف الحفاظ على ريادتها في هذا المجال. وسيكون من المهم متابعة التطورات المستقبلية، خاصةً فيما يتعلق بدمج الذكاء الاصطناعي في تطبيقات جديدة وتوسيع نطاق استخدامه في الحياة اليومية.
تتوقع غوغل إطلاق المزيد من الميزات والتطبيقات المبنية على جيميناي 3.0 خلال الأشهر القادمة، مع التركيز على تحسين الأداء وزيادة إمكانية الوصول إلى هذه التقنية. وسيشمل ذلك تحديثات لخدماتها الحالية، مثل مساعد غوغل وتطبيقات الإنتاجية، بالإضافة إلى إطلاق منتجات جديدة.






