أثار وصول فريق عمل تابع لإيلون ماسك، المعروف باسم “قسم كفاءة الحكومة” (DOGE)، إلى معهد السلام الأمريكي في واشنطن جدلاً واسعاً، وكشف عن محاولات لتولي السيطرة على المؤسسة المستقلة. وقد أدت هذه الخطوات إلى معركة قانونية، حيث سعى المعهد إلى الحفاظ على استقلاليته. وتأتي هذه التطورات في سياق انتقادات أوسع لطريقة عمل الفريق وتأثيرها على الوكالات الحكومية.
الخلاف حول معهد السلام الأمريكي و “قسم كفاءة الحكومة”
بدأت القضية في فبراير الماضي، عندما أصدر الرئيس السابق دونالد ترامب أمراً تنفيذياً وصف فيه معهد السلام الأمريكي بأنه “غير ضروري” ودعا إلى إلغائه. لاحقاً، في مارس، قام ترامب بإقالة مجلس إدارة المعهد المكون من 10 أعضاء. ووفقاً لوثائق المحكمة، فقد حاول الفريق الوصول إلى مقر المعهد الذي تبلغ قيمته 500 مليون دولار، لكنه قوبل بالرفض في البداية.
وصفت جورج فوت، المستشار القانوني الخارجي لمعهد السلام الأمريكي، وصول فريق DOGE إلى المعهد بأنه “فريق ضرب” سريع الانتشار. وأشار إلى أن الفريق ترك وراءه كمية من الحشيش، وربما كانت نصف أوقية بدلاً من نصف رطل كما ذكر أحد المشاركين الآخرين في حوار، ولم يكن لديه فكرة واضحة عن كيفية إدارة المؤسسة.
محاولات السيطرة وردود الفعل القانونية
أفادت الوثائق القانونية بأن فريق DOGE حاول مراراً وتكراراً الوصول إلى مبنى المعهد قبل أن يتمكنوا من الدخول. وقد أدى ذلك إلى رفع دعوى قضائية من قبل مديري المعهد الحاليين، يمثلهم فوت، للطعن في حق ترامب في إقالتهم من مناصبهم. وفي نهاية المطاف، حكمت المحكمة لصالح المعهد، مؤكدةً أن فريق DOGE والحكومة الأمريكية لا يحق لهما تولي السيطرة على المعهد ومقره.
ومع ذلك، شهدنا هذا الأسبوع وضع اسم ترامب على مبنى المعهد، وذلك قبيل توقيع اتفاقية سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية داخل المبنى. وأكد فوت أن هذا التوقيع تم “لأن الرئيس يريد تأكيد السيطرة على المبنى”.
يجري هذا الجدل في وقت يشهد فيه الجهاز الحكومي الأمريكي تحولات كبيرة. يتعلق أحد الأوجه الرئيسية لهذه التحولات بفكرة “التحرك بسرعة وكسر الأشياء” (move-fast-break-things) التي كانت سائدة في وادي السيليكون، وتأثيرها على طريقة عمل الوكالات الحكومية. عملية الإصلاح الحكومي (Government reform) أصبحت قضية رئيسية في النقاش العام.
تأثير DOGE على الوكالات الحكومية الأخرى
لم يقتصر تأثير فريق DOGE على معهد السلام الأمريكي. فقد أرسل الفريق عدداً من المتخصصين الشباب في التكنولوجيا إلى مختلف الوكالات الحكومية. ووفقاً لتقارير، لا يزال العديد من هؤلاء الأشخاص يعملون في هذه الوكالات، بما في ذلك إدوارد “كرات كبيرة” كوريستين، وأكاش بوبا، وإيثان شاوتران، وماركو إليز، وجافين كليجر.
أفاد موظف في مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) لـ WIRED أن فريق DOGE “تحول” داخل المصلحة، وأصبح له دور جديد. وأعلن سهيل لافينجيا، أحد مهندسي DOGE السابقين، خلال المنتدى أنه عاد للعمل في الحكومة، وتحديداً في مصلحة الضرائب الأمريكية.
ويمكن القول أن الفريق سعى إلى إحداث تغيير جذري في طريقة عمل الحكومة، من خلال تطبيق أساليب التكنولوجيا الحديثة. ومع ذلك، أثار هذا النهج انتقادات حول عدم الاحترام للإجراءات القانونية والمؤسسات القائمة.
وأكد فوت على أهمية الدفاع عن سيادة القانون، موضحاً أن “سيادة القانون لا تعني شيئاً إذا لم يدافع الناس عنها”. ويعتقد أن مديري المعهد سيفوزون في القضية المرفوعة أمام المحكمة، على الرغم من أن العملية قد تكون طويلة.
تُعدّ هذه القضية مؤشراً على التوترات المتزايدة بين الإدارة الحالية والمؤسسات المستقلة. ومستقبل معهد السلام الأمريكي، بالإضافة إلى دور فريق DOGE في الإصلاح الحكومي (Government efficiency)، يظل غير واضحاً. من المتوقع أن تصدر المحكمة قراراً نهائياً بشأن الدعوى القضائية التي رفعها مدراء المعهد، وهو ما سيحدد بشكل كبير مسار هذه القضية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم مراقبة كيفية استمرار عمل المتخصصين الذين أرسلهم فريق DOGE في مختلف الوكالات الحكومية، وتأثيرهم على سياسات الحكومة وبرامجها.





