أعلنت المفوضية الأوروبية عن فتح تحقيق جديد في مزاعم تتعلق باحتيال محتمل، يشمل مسؤولين سابقين وحاليين في الاتحاد الأوروبي بمن فيهم فيديريكا موغيريني، رئيسة الكلية الأوروبية السابقة ورئيسة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بين عامي 2014 و2019. هذا التحقيق، الذي يتعلق ببرنامج تدريبي للدبلوماسيين الشباب، يثير تساؤلات حول الشفافية والمساءلة في المؤسسات الأوروبية، ويؤكد على أهمية الحفاظ على الثقة في الاتحاد الأوروبي في ظل التحديات المتزايدة.
تم إخطار موغيريني رسميًا بالاتهامات الموجهة إليها يوم الخميس الماضي، في إطار تحقيق أوسع يجري بقيادة مكتب المدعي العام الأوروبي (EPPO). يركز التحقيق على الاشتباه في أن جهاز العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي (EEAS) قد انتهك قواعد المناقصات الخاصة به من خلال تقديم معلومات مسبقة للكلية الأوروبية أثناء تقديم العروض لبرنامج تدريبي قيمته 130 ألف يورو.
تحقيق Европейское прокуратура: تفاصيل جديدة حول الاحتيال المحتمل
يزيد هذا التحقيق من التدقيق في العمليات الداخلية للاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بإدارة الأموال العامة والتعامل مع المناقصات. وفقًا لمصادر مطلعة، فإن مكتب المدعي العام الأوروبي يشتبه في وجود تضارب في المصالح وانتهاك لأسرار المهنة بالإضافة إلى الاحتيال المحتمل والممارسات الفاسدة.
لم يتم توجيه اتهامات رسمية إلى موغيريني أو المشتبه بهما الآخرين، وهما موظف كبير في الاتحاد الأوروبي ومدير في الكلية الأوروبية. ومع ذلك، فإن مجرد فتح التحقيق يثير قلقًا بالغًا في بروكسل.
استقالة سريعة و ردود فعل رسمية
ذكرت مصادر إخبارية أن ستيفانو سانينو، أحد المشتبه بهم والذي كان يشغل منصب المدير العام لدائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج في المفوضية الأوروبية، قد تقاعد مبكرًا من منصبه بعد أيام من بدء التحقيق. سبق لسانينو أن خدم في جهاز العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي كدبلوماسي إيطالي، ويعتبر شخصية مؤثرة في المؤسسات الأوروبية.
أصدرت موغيريني بيانًا أكدت فيه ثقتها في النظام القضائي، معربة عن اعتقادها بأن نزاهة تصرفات الكلية الأوروبية سيتم إثباتها. وأضافت أنها ستواصل تقديم كامل تعاونها للسلطات المختصة.
أكدت نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، روكسانا مينزاتو، على ضرورة الدفاع عن الثقة في الاتحاد الأوروبي في هذا السياق. وأشارت مينزاتو، في تصريحات لبرنامج “Europe Today” على قناة Euronews، إلى أن التحقيقات يجب أن تجرى بشكل كامل ونزاهة لأنها تتعلق بأموال الاتحاد الأوروبي وأموال دافعي الضرائب.
تأثيرات محتملة على السياسة الأوروبية
يأتي هذا التحقيق في وقت حرج بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حيث يواجه تحديات داخلية وخارجية متزايدة، بما في ذلك الانتخابات الأوروبية المقبلة. قد يؤثر هذا الحدث على المناقشات الدائرة حول مستقبل السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، ويزيد الضغوط على المؤسسات الأوروبية لتبني إجراءات أكثر صرامة لمكافحة الاحتيال والفساد.
تعتبر قضية المناقصات هذه مجرد مثال واحد على المخاوف المتزايدة بشأن الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد الأوروبية. وقد دعا العديد من المراقبين إلى تعزيز الرقابة المستقلة على المؤسسات الأوروبية، وزيادة التعاون بين وكالات إنفاذ القانون الوطنية والأوروبية. خصوصاً فيما يتعلق بمكافحة الفساد المالي و تحقيق العدالة.
كما أن هذا التحقيق يثير تساؤلات حول الدور الذي تلعبه المؤسسات التعليمية، مثل الكلية الأوروبية، في تنفيذ سياسات الاتحاد الأوروبي. لا يخص التحقيق مسائل تتعلق بالكفاءة التدريبية بل عملية التنافس الشفاف و الحياد في اختيار المؤسسات التي تتولى هذه المهام.
من الجدير بالذكر أن مكتب المدعي العام الأوروبي (EPPO) قد أُنشئ في عام 2021 بهدف التحقيق في الجرائم المالية التي تمس الميزانية الأوروبية، وملاحقة مرتكبيها قضائيًا. وقد حقق المكتب بالفعل عددًا من النجاحات في هذا المجال، مما يشير إلى أنه يلعب دورًا متزايد الأهمية في حماية مصالح الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، تفتح هذه القضية نقاشاً حول إصلاحات محتملة في قوانين المناقصات الأوروبية لضمان المزيد من الشفافية وتجنب أي تضارب في المصالح.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات لعدة أشهر، وقد تتبعها إجراءات قانونية إضافية. سيكون من المهم متابعة التقارير الصادرة عن مكتب المدعي العام الأوروبي، وردود فعل المؤسسات الأوروبية المعنية، لتقييم التأثير الكامل لهذا التحقيق على مستقبل التعاون الأوروبي. يبقى من غير الواضح في هذه المرحلة ما إذا كانت الأدلة ستكشف عن مخالفات كبيرة، ولكن مجرد فتح التحقيق يمثل إشارة قوية إلى أن الاتحاد الأوروبي يأخذ مسألة الاحتيال والفساد على محمل الجد.






