أظهرت دراسة حديثة أن ممارسة التاي تشي، وهو فن قتالي صيني تقليدي يركز على الحركات البطيئة والتنفس العميق، قد يكون فعالاً في علاج الأرق المزمن لدى كبار السن ومتوسطي العمر. توصل باحثون في هونغ كونغ إلى أن التاي تشي يقدم فوائد مماثلة للعلاج السلوكي المعرفي (CBT-I)، وهو العلاج القياسي لهذه الحالة، مما يفتح الباب أمام خيارات علاجية بديلة وأكثر سهولة.
نُشرت نتائج البحث في مجلة BMJ، وأثارت اهتماماً واسعاً في الأوساط الطبية والبحثية، خاصةً مع تزايد حالات اضطرابات النوم في جميع أنحاء العالم. أجريت الدراسة في مركز أبحاث في هونغ كونغ وشملت 200 مشاركاً بالغاً ممن يعانون من الأرق المستمر.
فوائد التاي تشي في علاج الأرق المزمن
يعتبر الأرق المزمن مشكلة صحية شائعة تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة، وترتبط بمخاطر صحية إضافية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والمشاكل النفسية. غالباً ما يكون العلاج السلوكي المعرفي هو الخيار الأول، لكنه قد يكون مكلفاً ويفتقر إلى التوفر في بعض المناطق.
وفقاً للدراسة، فإن التاي تشي يقدم بديلاً واعداً. تم تقسيم المشاركين عشوائياً إلى مجموعتين: إحداهما تلقت تدريباً على التاي تشي، والأخرى تلقت العلاج السلوكي المعرفي للأرق. استمرت الجلسات لمدة ثلاثة أشهر، وتم تقييم المشاركين قبل وبعد التدريب، بالإضافة إلى متابعة بعد 12 شهراً.
نتائج الدراسة والتأثير على جودة الحياة
أظهرت النتائج أن كلا العلاجين – التاي تشي والعلاج السلوكي المعرفي – حققا تحسينات مماثلة في تقييمات المشاركين الذاتية للنوم، بما في ذلك سهولة الخلود إلى النوم، وتقليل الاستيقاظ المتكرر، وتحسين الشعور بالراحة أثناء النوم. بالإضافة إلى ذلك، لاحظ الباحثون تحسينات في جودة الحياة بشكل عام، والصحة النفسية، ومستويات النشاط البدني لدى كلا المجموعتين.
لم يتم الإبلاغ عن أي آثار جانبية سلبية مرتبطة بأي من العلاجين. ويرى الباحثون أن هذا يشير إلى أن التاي تشي هو تدخل آمن وفعال للأرق المزمن.
لماذا يعتبر التاي تشي خياراً جذاباً؟
إلى جانب فعاليته، يتمتع التاي تشي بعدة مزايا تجعله خياراً جذاباً لعلاج صعوبات النوم. فهو ممارسة منخفضة التكلفة نسبياً، ولا تتطلب معدات خاصة، ويمكن تعلمها بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعديل حركات التاي تشي لتناسب القدرات البدنية المختلفة، مما يجعلها مناسبة لمجموعة واسعة من الأفراد.
يشير الباحثون إلى أن استمرار المشاركين في ممارسة التاي تشي بعد انتهاء التدخل قد يكون ساهم في الحفاظ على الفوائد على المدى الطويل. وهذا يسلط الضوء على أهمية دمج التاي تشي في نمط حياة صحي.
تعتبر هذه الدراسة إضافة قيمة إلى الأدلة المتزايدة التي تدعم فوائد التاي تشي للصحة البدنية والعقلية. وتشير إلى أن هذه الممارسة القديمة يمكن أن تلعب دوراً مهماً في إدارة الأرق المزمن وتحسين نوعية النوم لدى كبار السن ومتوسطي العمر.
في المستقبل، يخطط الباحثون لإجراء المزيد من الدراسات لتقييم فعالية التاي تشي في سياقات ثقافية مختلفة، وتحديد المكونات المحددة للتاي تشي التي تساهم في تحسين النوم. من المتوقع نشر نتائج هذه الدراسات في غضون عامين، مما قد يوفر المزيد من التوجيهات حول كيفية استخدام التاي تشي كعلاج للأرق المزمن على نطاق أوسع.






