عقد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً مع دولة رئيسة وزراء جمهورية إيطاليا جورجا ميلوني، في إطار سعي المملكة لتعزيز العلاقات السعودية الإيطالية وتطويرها في مختلف المجالات. وتركز اللقاء على سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والأمني بين البلدين، بما يخدم مصالحهما المتبادلة.

ويهدف هذا الاجتماع إلى تعميق الشراكة الاستراتيجية بين المملكة وإيطاليا، واستعراض الفرص الواعدة في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والاستثمار والبنية التحتية. و يأتي هذا في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات جيوسياسية متسارعة، مما يزيد من أهمية التنسيق الثنائي والإقليمي.

أهمية تطوير العلاقات السعودية الإيطالية في ظل التغيرات العالمية

تولي المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة لعلاقاتها مع إيطاليا، باعتبارها قوة أوروبية مؤثرة وشريكاً أساسياً في تحقيق الاستقرار الإقليمي و العالمي. وتهدف المباحثات إلى رفع مستوى التعاون إلى آفاق جديدة، خاصةً في ظل رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل و جذب الاستثمارات الأجنبية.

التعاون الاقتصادي والفرص الاستثمارية

تعتبر إيطاليا من بين أكبر شركاء المملكة التجاريين في الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 9 مليارات يورو في عام 2022، وفقًا لبيانات وزارة التجارة والاستثمار. وتشمل الصادرات السعودية إلى إيطاليا النفط والمنتجات البتروكيماوية، بينما تتصدر الآلات والمعدات والمنتجات الغذائية الصادرات الإيطالية إلى المملكة.

وتشهد المملكة حراكاً اقتصادياً كبيراً، مع مشاريع ضخمة في قطاعات البنية التحتية والسياحة والطاقة المتجددة. وبالنظر إلى خبرة الشركات الإيطالية في هذه المجالات، تتطلع المملكة إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الإيطالية للمساهمة في تحقيق أهداف رؤية 2030. ويدعم هذا التوجه مناخ الاستثمار الجاذب الذي توفره المملكة، بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي يجري تنفيذها.

التنسيق السياسي والقضايا الإقليمية

بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، بحث الجانبان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك جهود مكافحة الإرهاب، وأمن الملاحة، والوضع في اليمن وليبيا. ويؤكد كلا البلدين على أهمية الحلول السياسية للأزمات الإقليمية، واحترام سيادة الدول، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية.

كما ناقش الجانبان التطورات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، وأهمية دعم جهود تحقيق السلام. وتتفق الرياض وروما على ضرورة العمل المشترك لمواجهة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ، والأمن الغذائي، واستقرار أسواق الطاقة. في هذا السياق، تشكل مبادرات المملكة في مجال الطاقة النظيفة، مثل “السعودية الخضراء”، أرضية خصبة للتعاون مع إيطاليا في هذا المجال الهام.

التبادل الثقافي وتعزيز التفاهم المتبادل

لا يقتصر التعاون بين المملكة وإيطاليا على الجوانب الاقتصادية والسياسية، بل يمتد ليشمل المجالات الثقافية والتعليمية. وتسعى المملكة إلى تعزيز التبادل الثقافي مع إيطاليا، من خلال تنظيم المعارض والمهرجانات والمؤتمرات التي تعرّف بالثقافة السعودية في إيطاليا، وبالثقافة الإيطالية في المملكة.

ويسهم التبادل الثقافي في تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين، وتذليل الحواجز الثقافية التي قد تعيق التعاون في المجالات الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، تولي المملكة أهمية خاصة لتطوير التعاون في مجال التعليم، من خلال تبادل الطلاب والباحثين، ومنح الفرص للشباب السعودي للدراسة في الجامعات الإيطالية المرموقة.

العلاقات السعودية الإيطالية لها تاريخ طويل من التعاون المثمر. وتتطلع المملكة إلى مواصلة العمل مع إيطاليا لتعزيز هذه الشراكة، وتحقيق المزيد من الإنجازات في المستقبل. وتأتي هذه المباحثات متزامنة مع جهود المملكة لتعزيز علاقاتها مع مختلف دول العالم، بما يخدم مصالحها الوطنية، ويدعم الاستقرار الإقليمي و العالمي.

من المنتظر أن تعلن الرياض وروما عن خطط عمل تفصيلية لتنفيذ القرارات التي تم التوصل إليها خلال الاجتماع، مع التركيز على تحديد المشاريع ذات الأولوية، وتحديد آليات التمويل والتنفيذ. ومن المهم متابعة مدى تقدم هذه الخطط، وتأثيرها على حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، فضلاً عن التعاون في المجالات السياسية والثقافية.

شاركها.