أثارت مقاطع فيديو لامرأة أسترالية تستخدم هاتفها أثناء السباحة في مسبح جدلاً واسعاً، مسلطة الضوء على مدى تفاقم إدمان التكنولوجيا في المجتمعات الحديثة. وقد انتشر المقطع على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثار مخاوف بشأن تأثير الهواتف الذكية على حياتنا اليومية وقدرتنا على الاستمتاع باللحظة الحاضرة. يمثل هذا المشهد، الذي تم تصويره في مسبح Bondi Icebergs الشهير في سيدني، أحدث دليل على هذه الظاهرة المتزايدة.
أظهر الفيديو المرأة وهي تتصفح هاتفها بشكل عرضي أثناء أداء السباحة على الظهر. وقد أرفقت صفحة “Brown Cardigan” الشهيرة المقطع بتعليق ساخر حول ثقافة الاعتماد على الشاشات والوجود الدائم على الإنترنت. سرعان ما انتشر الفيديو، وتفاعل معه المستخدمون معربين عن قلقهم وخيبة أملهم.
تزايد ظاهرة إدمان التكنولوجيا وتداعياتها
تشير الإحصائيات إلى أن إدمان التكنولوجيا أصبح وباءً عالمياً. وفقاً لموقع Addictionhelp.com، يعاني حوالي 250 مليون شخص حول العالم من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي. هذا الاعتماد المفرط على الأجهزة الذكية له آثار سلبية متعددة على الصحة النفسية والجسدية.
الأثر على الصحة النفسية
قد يؤدي الاستخدام المفرط للهواتف الذكية إلى تقلبات المزاج، واضطرابات النوم، والشعور بالحاجة المستمرة إلى التحقق من التنبيهات والإشعارات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسبب إدمان الإنترنت شعوراً بالعزلة الاجتماعية والقلق والاكتئاب، خاصةً عند السعي الدائم للحصول على الموافقة والتقدير من الآخرين عبر الإنترنت.
الأثر على الشباب
يبدو أن الشباب هم الأكثر عرضة للإصابة بمشاكل مرتبطة بالهواتف الذكية. دراسة حديثة نشرت في مجلة Pediatrics أوضحت أن الأشخاص الذين امتلكوا هواتف محمولة قبل سن الثانية عشرة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والسمنة ومشاكل النوم مقارنة بأولئك الذين لم يحصلوا عليها في سن مبكرة. وهذا يشير إلى أهمية تحديد وقت مناسب لتقديم الأجهزة الذكية للأطفال والمراهقين.
يرى بعض الخبراء أن هذا السلوك يعكس تحولاً في طريقة تفاعلنا مع العالم من حولنا، حيث يفضّل الكثيرون الانغماس في العالم الرقمي على الاستمتاع بالتجارب الواقعية. وهناك قلق متزايد من أن هذه العادة قد تؤدي إلى فقدان القدرة على التركيز والانتباه، وضعف المهارات الاجتماعية، وتراجع الإبداع والابتكار.
وعلى الرغم من أن استخدام الهواتف الذكية أثناء السباحة قد يبدو مثالاً مفرطاً، إلا أنه يعكس اتجاهاً أوسع نطاقاً يتمثل في دمج التكنولوجيا في كل جانب من جوانب حياتنا. وهذا يشمل استخدام الهواتف في أماكن يفترض أن تكون مخصصة للاسترخاء والتأمل، مثل الشواطئ والحدائق والمسابح. بينما توفر التكنولوجيا العديد من الفوائد، إلا أن الإفراط في استخدامها يمكن أن يكون له عواقب وخيمة.
تتزايد الدعوات لتوعية الأفراد بمخاطر إدمان الشاشات وتشجيعهم على تبني عادات صحية في استخدام التكنولوجيا. وتشمل هذه العادات تحديد وقت معين لاستخدام الهواتف الذكية، وإيقاف تشغيل الإشعارات، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية التي لا تتطلب استخدام الأجهزة الرقمية.
من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الدراسات والأبحاث حول تأثير التكنولوجيا على الصحة والسلوك البشري. كما من المحتمل أن تتبنى الحكومات والمؤسسات التعليمية مبادرات تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في الحد من تفاقم هذه الظاهرة، لكنها تمثل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.






