أفشل اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات روسي، من طراز صاروخ سارمات، خلال إطلاقه من منشأة تحت الأرض في جنوب روسيا يوم الجمعة. وكان من المفترض أن يحمل الصاروخ رأسًا وهميًا إلى منطقة بعيدة، على بعد حوالي 6400 كيلومتر، لكنه لم يرتفع سوى بضعة أمتار قبل تحطمه. يثير هذا الحادث تساؤلات حول موثوقية هذا السلاح الاستراتيجي الهام.
وقع الحادث بالقرب من قاعدة دومباروفسكي الجوية في مقاطعة أورنبورغ، بالقرب من الحدود الروسية الكازاخستانية. لم يصدر الجيش الروسي أي بيان رسمي حول سبب الفشل، لكن مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر الصاروخ وهو ينحرف عن مساره ويسقط بعد وقت قصير من الإطلاق.
فشل متكرر لصاروخ سارمات الروسي
تشير التحليلات إلى أن الصاروخ الذي فشل كان على الأرجح نسخة تجريبية من صاروخ سارمات، وهو سلاح مصمم للوصول إلى أهداف على بعد يزيد عن 18000 كيلومتر. يعتبر سارمات من أطول الصواريخ الباليستية العابرة للقارات مدى في العالم، وقادرًا على حمل ما يصل إلى 10 رؤوس نووية كبيرة، أو مزيج من الرؤوس النووية وأنظمة مكافحة الصواريخ، أو حتى مركبات انزلاقية تفوق سرعة الصوت، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
يُصنف سارمات على أنه سلاح “يوم القيامة” مصمم للاستخدام في حرب نووية شاملة بين روسيا والولايات المتحدة. وقد وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه “سلاح فريد حقًا” من شأنه أن “يوفر مادة للتفكير لأولئك الذين يحاولون تهديد بلدنا بخطاب عدواني محموم”.
تاريخ من المشاكل
ومع ذلك، يبدو أن ما يميز صاروخ سارمات حتى الآن هو تعرضه المتكرر للأعطال. على الرغم من أن أول اختبار كامل النطاق للصاروخ في عام 2022 بدا ناجحًا، إلا أن البرنامج شهد سلسلة من الإخفاقات منذ ذلك الحين.
في العام الماضي، وقع انفجار كارثي دمر المنشأة تحت الأرض التي تستخدم لإطلاق صواريخ سارمات في شمال روسيا. هذا الحادث الأخير يمثل ضربة جديدة لبرنامج الصواريخ الروسي، ويؤكد المخاوف بشأن موثوقيته.
أظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة منذ يوم الجمعة وجود حفرة وبقع احتراق بالقرب من موقع إطلاق الصاروخ. كما تشير التقارير إلى انبعاث سحابة حمراء بنية اللون، وهي علامة مميزة للخليط السام من الهيدرازين ورباعي أكسيد النيتروجين المستخدم كوقود في أقوى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الروسية.
وفقًا لبافل بودفيج، الباحث البارز في معهد الأمم المتحدة لنزع السلاح في جنيف، فقد قام الصاروخ بإخراج أحد المكونات قبل الاصطدام بالأرض، ربما كجزء من تسلسل لاستعادة الحمولة.
تأتي هذه المحاولة الفاشلة في وقت متزايد التوترات الجيوسياسية، وتحديدًا فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. قد يرى البعض في هذا الفشل دليلًا على تدهور القدرات العسكرية الروسية، بينما قد يجادل آخرون بأنه مجرد نكسة مؤقتة في برنامج تطوير معقد.
تعتبر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات جزءًا أساسيًا من العقيدة النووية الروسية، وتوفر لها القدرة على الردع الاستراتيجي. إن أي شكوك حول موثوقية هذه الأسلحة يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على التوازن الاستراتيجي العالمي.
تعتبر هذه الحادثة بمثابة تذكير بالمخاطر الكامنة في سباق التسلح النووي، وأهمية الجهود الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية وتعزيز الأمن العالمي.
الآثار المحتملة
قد يؤدي هذا الفشل إلى تأخير في نشر صاروخ سارمات، وإلى زيادة التدقيق في جودة الرقابة والإنتاج في الصناعة العسكرية الروسية. بالإضافة إلى ذلك، قد يدفع هذا الحادث روسيا إلى تخصيص المزيد من الموارد لمعالجة المشاكل التقنية التي تواجهها في برنامج الصواريخ.
من المرجح أن يراقب الغرب عن كثب أي خطوات تتخذها روسيا لمعالجة هذه المشاكل، وأن يقيم الآثار المحتملة على التوازن الاستراتيجي.
من المتوقع أن تجري روسيا تحقيقًا داخليًا لتحديد سبب الحادث. ومع ذلك، من غير المرجح أن يتم الكشف عن تفاصيل التحقيق للجمهور.
في الوقت الحالي، لا يوجد جدول زمني واضح لإجراء اختبارات إطلاق أخرى لـ صاروخ سارمات. سيعتمد ذلك على نتائج التحقيق، والوقت اللازم لإجراء أي إصلاحات ضرورية. من المهم مراقبة التطورات المستقبلية في هذا البرنامج، وتقييم أي آثار محتملة على الأمن الإقليمي والعالمي.
تظل القدرات النووية الروسية موضوعًا ذا أهمية بالغة، ويتطلب مراقبة دقيقة وتحليلًا مستمرًا.






