أفادت مصادر عسكرية سودانية للجزيرة بأن الجيش السوداني نفذ قصفًا على تجمعات لقوات الحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان، في تطور يأتي ضمن تصاعد الاشتباكات المستمرة في المنطقة. وتتمركز قوات الحركة الشعبية، قطاع الشمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، في الولاية، وهي قوات انضمت إلى جانب قوات الدعم السريع في تحالف السودان التأسيسي، مما يعقد الوضع الأمني والعسكري.
وأكدت المصادر أن القوات الحكومية حققت تقدمًا غربي مدينة العباسية تقلي، وسيطرت على عدة بلدات رئيسية بعد معارك مع قوات الحلو. يأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه ولايات إقليم كردفان الثلاث اشتباكات ضارية بين الجيش والدعم السريع، مما أدى إلى نزوح واسع النطاق للسكان.
تطورات القتال في جنوب كردفان وتقدم الجيش
ووفقًا لمصادر الجيش السوداني، فإن القوات المساندة للجيش تقدمت غربي مدينة العباسية تقلي، وتمكنت من السيطرة على بلدات الدامرة، وتبسة، والموريب، وقردود نجاما. وأشارت المصادر إلى أن قوات الحركة الشعبية انسحبت إلى منطقة طاسي في الولاية، بعد أن كانت تسيطر على هذه البلدات منذ عام 2011. لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من قوات الحركة الشعبية-قطاع الشمال بشأن هذه التطورات.
نشر عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر سيطرتهم على مناطق تبسة والدامرة، مع احتفال المواطنين بالتكبير والتهليل. يعكس هذا المشهد حالة من الفرح بين السكان المحليين، الذين تأثروا بشكل كبير بالصراع الدائر.
جهود الجيش لفك الحصار عن المدن المحاصرة
بالتوازي مع هذه التطورات، يحاول الجيش السوداني فك الحصار المفروض على مدينة بابنوسة من قبل قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى مدينتي كادُقلي والدلنج. وقد أفادت مصادر عسكرية بأن الجيش تمكن من صد هجوم عنيف لقوات الدعم السريع على مقر قيادة الفرقة 22 مشاة في بابنوسة.
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) منذ أسابيع اشتباكات عنيفة، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان. تفاقم الوضع الإنساني في هذه المناطق، مما يزيد من الضغوط على المنظمات الإغاثية المحلية والدولية.
معارك الأمس وتدهور الأوضاع الإنسانية
وكانت معارك قد اندلعت أمس غربي مدينة العباسية تقلي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. أدت هذه المعارك إلى إغلاق طريق العباسية رشاد بسبب الاشتباكات، مما عرقل حركة المدنيين والبضائع. وتشير المصادر إلى أن الجيش السوداني حقق تقدمًا ملحوظًا في معارك الأمس.
وفي سياق متصل، حذر الناطق باسم حكومة غرب كردفان من تدهور الوضع الأمني في مدينة النهود، مشيرًا إلى وقوع عمليات نهب واعتداءات خطيرة، بما في ذلك حالات اغتصاب. ويؤكد هذا التحذير على اتساع رقعة الانفلات الأمني الناتج عن الحرب الدائرة في السودان.
في 22 فبراير/شباط الماضي، وقعت قوات الدعم السريع وقوى سياسية وحركات مسلحة سودانية في نيروبي، كينيا، ميثاقًا سياسيًا لتشكيل حكومة موازية، وهو ما أدانته الحكومة السودانية بشدة. يُظهر هذا الميثاق مدى تعقيد المشهد السياسي في السودان، وتعدد الأطراف المتنازعة.
تسيطر قوات الدعم السريع حاليًا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربًا، باستثناء بعض المناطق الشمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش. في المقابل، يسيطر الجيش على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم. هذا التقسيم الجغرافي يعكس حالة الانقسام العميق التي تشهدها البلاد.
تفاقمت الأزمة الإنسانية في السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح ما يقرب من 13 مليون شخص. تعتبر هذه الأزمة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية على مستوى العالم.
من المتوقع أن يستمر الجيش السوداني في جهوده لفك الحصار عن المدن المحاصرة وتأمين المناطق المتضررة. ومع ذلك، لا يزال الوضع الأمني والعسكري غير مستقر، وهناك احتمالات لتصاعد الاشتباكات في المستقبل القريب. يتطلب الوضع الحالي تدخلًا إقليميًا ودوليًا عاجلًا لوقف إراقة الدماء وتخفيف المعاناة الإنسانية. يجب مراقبة تطورات المفاوضات الجارية بين الأطراف المتنازعة، والتحركات الإقليمية والدولية، لتقييم فرص تحقيق السلام والاستقرار في السودان. كما يجب متابعة الوضع الإنساني عن كثب، وتوفير المساعدات اللازمة للمتضررين من الحرب.






