قررت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الاثنين، دفن 15 جثمانًا مجهولة الهوية كانت محتجزة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد تعذر التعرف عليها. يأتي هذا الإجراء في سياق عملية تبادل الأسرى والجثامين التي تم الاتفاق عليها كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مما يسلط الضوء على التحديات المستمرة في تحديد هوية الضحايا في ظل الظروف القاسية التي تشهدها المنطقة. هذا الإجراء يمثل جزءًا من جهود أوسع لتحديد هوية الشهداء وتقديم الدعم لأسرهم.

تحديات تحديد هوية الشهداء في غزة

تأتي عملية تحديد هوية الضحايا في غزة بصعوبات جمة، حيث سلمت سلطات الاحتلال عشرات الجثامين كجزء من اتفاق تبادل الأسرى مع فصائل المقاومة الفلسطينية. أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أنها تسلمت الأربعاء الماضي جثامين 15 شهيدًا كانت محتجزة لدى الجيش الإسرائيلي عبر الصليب الأحمر، ليرتفع بذلك إجمالي عدد الجثامين المستلمة إلى 345 جثمانًا، تم التعرف على 99 منهم فقط.

وكشفت وزارة الصحة عن وجود جثث عليها آثار إصابات بالغة، بما في ذلك إطلاق نار في الصدر والرأس، وشظايا وكسور في الجمجمة والأطراف. بالإضافة إلى ذلك، هناك جثث في حالة تحلل متقدمة أو متجمدة، مما يزيد من تعقيد عملية الفحص والتوثيق والتعرف عليها. هذه الظروف الصعبة تعيق الجهود المبذولة لتقديم إجابات للعائلات التي تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير أحبائها.

جهود وزارة الصحة لتحديد الهوية

في محاولة لمساعدة الأهالي على التعرف على ذويهم، أطلقت وزارة الصحة في غزة رابطًا إلكترونيًا يتضمن صورًا منتقاة للجثامين، مع مراعاة كرامة المتوفى وخصوصيته. تهدف هذه الخطوة إلى منح العائلات فرصة للبحث عن أقاربهم من بُعد قبل نقل الجثامين إلى المستشفيات. ومع ذلك، فإن عملية التعرف على الهوية لا تزال تواجه تحديات كبيرة بسبب حالة الجثامين.

نظرًا لعدم توفر عدد كافٍ من الثلاجات، اضطرت وزارة الصحة إلى دفن الجثامين التي لم يتم التعرف عليها في مقابر مجهولي الهوية في دير البلح، مع الاحتفاظ بالصور تحسبًا لأي عملية توثيق أو مطابقة مستقبلية. هذا الإجراء المؤقت يهدف إلى الحفاظ على الجثامين حتى يتمكن الخبراء من إجراء فحوصات إضافية لتحديد هويتها.

عمليات البحث والانتشال والتأخير في تحديد هوية الضحايا

أكد الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، محمود البصل، أن ملف المفقودين وانتشال الجثامين في القطاع يعتبر من أصعب الملفات وأكثرها إيلامًا. وأشار إلى أن آلاف الفلسطينيين ما زالوا تحت أنقاض المباني المدمرة منذ بداية الحرب، في ظل توقف شبه كامل لعمليات البحث والانتشال بسبب الظروف الأمنية الصعبة. الشهداء الذين ما زالوا مجهولي الهوية يمثلون عبئًا ثقيلاً على العائلات والمجتمع.

في الأشهر الماضية، انتشل الدفاع المدني مئات الجثامين التي لم يتم التعرف عليها، ودُفنوا في مقابر مجهولي الهوية في دير البلح، بما في ذلك الجثامين التي تسلمتها الجهات الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي. هذه الجثامين تضاف إلى العدد المتزايد من الضحايا الذين لم يتم تحديد هويتهم بعد، مما يزيد من صعوبة عملية إغلاق هذا الملف.

وفي سياق صفقة التبادل، سلمت فصائل المقاومة الفلسطينية 20 أسيرًا إسرائيليًا حيًا ونحو 28 جثة أسير إسرائيلي. في المقابل، تقول إسرائيل إن جثتي أسيرين لا تزالان محتجزتان في قطاع غزة، وترهن بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بتسلمها كل جثث الأسرى. هذا الشرط الإسرائيلي يعقد عملية تبادل الجثامين ويؤخر عملية تحديد هوية الشهداء.

الوضع المستقبلي

من المتوقع أن تستمر الجهود لتحديد هوية الشهداء المجهولين في غزة، مع التركيز على استخدام أحدث التقنيات الطبية والشرعية. ومع ذلك، فإن عملية تحديد الهوية ستظل معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً بسبب حالة الجثامين والظروف الأمنية الصعبة. يجب على جميع الأطراف المعنية التعاون لضمان تحديد هوية جميع الضحايا وتقديم الدعم اللازم لأسرهم. المرحلة القادمة ستشهد تركيزًا على المفاوضات لتبادل الجثامين المتبقية، مع الأخذ في الاعتبار التحديات اللوجستية والأمنية التي تواجه هذه العملية. الشهداء والضحايا وتحديد الهوية هي قضايا رئيسية يجب معالجتها بشكل عاجل.

شاركها.