أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية عن طرح خمسة مواقع جديدة للتعدين في مناطق مختلفة من المملكة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستكشاف والاستثمار في قطاع التعدين. تغطي هذه المواقع مساحة إجمالية تبلغ 13 ألف كيلومتر مربع في ثلاثة أحزمة متمعدنة، وتشمل معادن الذهب والفضة والنحاس والزنك والنيكل. يأتي هذا الإعلان ضمن جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط وزيادة دور القطاع المعدني في الناتج المحلي الإجمالي.

تقع المواقع الجديدة في مدن رئيسية مثل المدينة المنورة ومكة المكرمة والرياض والقصيم وحائل. وتشمل هذه المناطق مشاريع متقدمة، مثل منجم الصخيبرات الذي يقدر باحتياطيات تصل إلى 729 ألف أوقية من الذهب، ومنجم بلغة الذي ينتج أكثر من 50 ألف أونصة من الذهب سنويًا، بالإضافة إلى حزام النقرة الغني برواسب الذهب والكبريتيدات. تُظهر هذه الطروحات التزام المملكة بتسريع وتيرة الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.

أهمية قطاع التعدين في رؤية 2030

يُعد قطاع التعدين أحد الركائز الأساسية لرؤية 2030 الطموحة للمملكة، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. تقدّر قيمة الموارد المعدنية في السعودية بأكثر من 9.4 تريليون ريال، وتشمل مجموعة واسعة من المعادن، بما في ذلك النحاس والذهب والفوسفات والمعادن النادرة والأساسية. تسعى الحكومة السعودية إلى استغلال هذه الثروات المعدنية بشكل مستدام لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.

الاستثمار المتزايد في الاستكشاف

شهد الإنفاق على استكشاف المعادن في السعودية زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة. فقد ارتفع من 155 مليون ريال في عام 2021 إلى 770 مليون ريال في عام 2024، وهو ما يمثل زيادة تقارب سبعة أضعاف. وقد ساهم هذا الزيادة في الإنفاق في جذب الشركات العالمية الكبرى إلى المملكة للاستثمار في مشاريع التعدين المختلفة. وبحسب بيان الوزارة، من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق على الاستكشاف التعديني في عام 2024 إلى حوالي 1.05 مليار ريال.

الدرع العربي كمحور رئيسي

تستند هذه المناطق الجديدة إلى بيانات فنية دقيقة ناتجة عن أعمال الاستكشاف السابقة، بالإضافة إلى نتائج برنامج المسح الجيولوجي العام الذي يغطي منطقة الدرع العربي. يُعد الدرع العربي منطقة جيولوجية واعدة تحتوي على كميات كبيرة من الموارد المعدنية، وتستثمر السعودية بشكل كبير في فهم هذه المنطقة واستغلال مواردها بشكل فعال. وتساعد المسوحات الجيولوجية والجيوفيزيائية في تحديد المناطق ذات الإمكانات التعدينية العالية.

علاوة على ذلك، تعمل الحكومة السعودية على تبسيط الإجراءات التنظيمية وتقديم حوافز استثمارية لجذب المزيد من الشركات إلى قطاع التعدين. تتضمن هذه الحوافز تقديم تراخيص التعدين بسرعة وشفافية، وتوفير الدعم المالي والفني للمشاريع التعدينية، وتسهيل الوصول إلى البنية التحتية اللازمة. تهدف هذه الجهود إلى تحويل السعودية إلى مركز عالمي رائد في مجال التعدين.

وتشمل المبادرات الأخرى التي أطلقتها السعودية لتعزيز قطاع التعدين دعوة الشركات الأمريكية للاستثمار في الصناعة والتعدين في المملكة، بالإضافة إلى التركيز على تطوير الصناعات التحويلية المرتبطة بالمعادن وبناء سلاسل الإمداد المحلية. تسعى السعودية إلى تحقيق قيمة مضافة أعلى من مواردها المعدنية من خلال تحويلها إلى منتجات ذات قيمة عالية.

عملية تقديم العروض والتأهيل

وفقًا للوزارة، فإن فترة تقديم طلبات التأهيل للمنافسة على الرخص التعدينية ستستمر حتى 15 ديسمبر. بعد ذلك، ستنتقل إلى مرحلة اختيار المواقع عبر منصة المنافسات الإلكترونية، حيث يمكن للشركات المؤهلة اختيار المواقع التي ترغب في الاستثمار فيها. وستختتم العملية بمزاد علني متعدد الجولات، من المقرر عقده خلال الربع الأول من العام المقبل. تضمن هذه العملية الشفافية والمنافسة العادلة بين الشركات المتنافسة.

يذكر أن السعودية بدأت مسار المنافسات التعدينية في عام 2021، وشملت المجموعة الأولى حوالي 24 ألف كيلومتر مربع. وتضاف هذه المساحة إلى 13 ألف كيلومتر مربع المطروحة حاليًا، مما يعزز من إمكانات الاستثمار في قطاع التعدين. ويعتبر الاستمرار في طرح المزيد من المواقع التعدينية جزءًا من خطة المملكة لتسريع وتيرة الاستكشاف والاستثمار في هذا القطاع.

من المتوقع أن تشهد عملية تقديم العروض والمزاد العلني إقبالًا كبيرًا من الشركات المحلية والدولية، نظرًا للإمكانات التعدينية الواعدة في المملكة. ويترقب المستثمرون والمهتمون بالقطاع النتائج النهائية لهذه المنافسات، والتي ستحدد الشركات التي ستستثمر في هذه المواقع الجديدة.

شاركها.