على الرغم من الدمار الهائل الذي خلفته الحرب، عادت الحياة لتنبض في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث استقبلت مئات الطلاب في مقراتها التي تم ترميمها جزئياً. يأتي هذا الافتتاح بعد عامين من الانقطاع عن الدراسة بسبب الأحداث العسكرية المتتالية، مُعلناً عن إصرار الفلسطينيين على الاستمرار في التعليم رغم التحديات. هذا الحدث يمثل بصيص أمل جديد لسكان غزة.

بدأت الدراسة في الجامعة الإسلامية يوم 1 ديسمبر/كانون الأول 2025، في ظل ظروف استثنائية وتحديات كبيرة، ولكن بروح معنوية عالية لدى الطلاب والكادر التعليمي. وتعد الجامعة الإسلامية من أقدم وأعرق المؤسسات التعليمية في قطاع غزة، وقد تضررت بشكل بالغ خلال عمليات القصف الأخيرة.

عودة الحياة إلى الجامعة الإسلامية بغزة: رمز للصمود

شهدت مقاعد الدراسة عودة الطلاب بعد فترة انقطاع طويلة، متجاوزين آثار الحرب والدمار. وقد أعرب العديد من الطلاب عن سعادتهم بالعودة إلى الجامعة واستئناف تعليمهم، مؤكدين أنهم لن يستسلموا لليأس مهما كانت الظروف. تعكس هذه العودة إرادة شعب فلسطيني يتمسك بحقه في التعليم والمعرفة.

تعرضت الجامعة لقصف عنيف في أكتوبر 2023، حيث دمرت مبانيها بشكل كبير، مما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية. وتشير التقديرات إلى أن حجم الأضرار التي لحقت بالجامعة يتجاوز الملايين من الدولارات، وتتطلب جهوداً كبيرة لإعادة بنائها وتأهيلها.

تحديات ما بعد الحرب

بالرغم من إعادة فتح أبواب الجامعة، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تواجه العملية التعليمية، من بينها نقص الإمكانيات والموارد، وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق المتضررة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الكادر التعليمي من ضغوط نفسية ومعنوية نتيجة للحرب وفقدان العديد من زملائهم وأصدقائهم.

ومع ذلك، فقد بذل المسؤولون في الجامعة جهوداً حثيثة لتوفير الحد الأدنى من المتطلبات لاستئناف الدراسة، من خلال ترميم بعض المباني وتوفير المواد التعليمية الضرورية. وتلقّى الطلاب دعمًا كبيرًا من المؤسسات المحلية والدولية التي تسعى إلى التخفيف من آثار الحرب عليهم.

العديد من الطلاب يعانون من صدمات نفسية و فقدوا أفرادًا من عائلاتهم، و هذا يتطلب توفير الدعم النفسي و الإجتماعي لهم لكي يتمكنوا من التركيز على دراستهم.

أهمية التعليم في غزة بعد الحرب

يأتي استئناف الدراسة في الجامعة الإسلامية في وقت حرج يمر به قطاع غزة، حيث يعاني السكان من أزمة إنسانية خانقة ونقص حاد في الخدمات الأساسية. وفي هذا السياق، يكتسب التعليم أهمية مضاعفة، حيث يعتبر أداة أساسية لإعادة بناء المجتمع وتوفير فرص أفضل للمستقبل.

يؤكد خبراء التعليم أن استئناف الدراسة في غزة يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في القطاع. ويدعون إلى تضافر الجهود المحلية والدولية لدعم التعليم في غزة وتوفير الموارد اللازمة لإعادة بناء المؤسسات التعليمية المتضررة.

لم تقتصر الخسائر على الممتلكات المادية، بل طالت أيضاً الكادر الأكاديمي والتعليمي، حيث فقدت الجامعة العديد من الأساتذة والعلماء خلال الحرب. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 193 أكاديميًا و عالمًا استشهدوا في غزة منذ بداية العدوان. وهذه الخسارة تمثل تحدياً كبيراً للجامعة وللمجتمع الفلسطيني بشكل عام.

الجامعة الإسلامية بغزة كانت سباقة في استخدام النماذج التعليمية الهجينة لضمان استمرارية العملية التعليمية، و ذلك من خلال الجمع بين الدراسة الوجاهية و التعليم عن بعد. و هذه الخطوة ساهمت في تقليل الأثر السلبي للحرب على الطلاب.

يستبشر الكثيرون بعودة الدراسة في الجامعة الإسلامية كعلامة على إحياء الأمل في غزة، و كتأكيد على أن الفلسطينيين لن يتخلوا عن حقهم في التعليم مهما كانت الظروف. و يعتبر هذا الحدث رسالة قوية إلى العالم بأن شعب غزة يستحق الدعم و المساندة لتحقيق مستقبل أفضل لأبنائه.

من المتوقع أن تعلن الجامعة الإسلامية بغزة عن خطة شاملة لإعادة الإعمار و التطوير في الأشهر القادمة، و ذلك بالتعاون مع المؤسسات الدولية و المانحين. و يبقى التمويل و إزالة الأنقاض أكبر التحديات التي تواجه الجامعة. و سيتم التركيز على ترميم المباني المتضررة و توفير التجهيزات اللازمة و دعم الكادر التعليمي.

شاركها.