نفت شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI)، مطورة نموذج الذكاء الاصطناعي “شات جي بي تي” (ChatGPT)، مسؤوليتها عن حالات الانتحار الأخيرة التي قيل أنها مرتبطة باستخدام النموذج، وتحديداً قضية آدم راين، الشاب البالغ من العمر 16 عاماً. تأتي هذه الردود بعد دعاوى قضائية تتهم الشركة بتسهيل الانتحار من خلال تصميم النموذج، مما أثار جدلاً حول المسؤولية الأخلاقية والقانونية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وتصاعدت هذه القضية بشكل كبير في أوساط التقنية والقانون.
وقالت “أوبن إيه آي” إن استخدام آدم راين لـ “شات جي بي تي” كان “غير مصرح به وخارج نطاق الاستخدام المقصود”، مشيرةً إلى أن شروط استخدام الخدمة تمنع دون سن الثامنة عشرة من الاستخدام دون إشراف الوالدين أو ولي الأمر القانوني. وأكدت الشركة أنها تتعامل مع القضية بحساسية بالغة نظراً للأثر الإنساني المأساوي، لكنها ستدافع عن براءتها القانونية.
مسؤولية الذكاء الاصطناعي: جدل “شات جي بي تي” والانتحار
تتزايد المخاوف بشأن الآثار النفسية والاجتماعية لـ “شات جي بي تي” وأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية المشابهة، خاصةً فيما يتعلق بصحة الشباب. وترى الشركة أن تصميمها يهدف إلى تقديم الدعم وتقديم المعلومات، وأن النموذج قدم لآدم راين أكثر من 100 اقتراح بطلب المساعدة من الجهات المتخصصة.
ومع ذلك، يرى منتقدو “أوبن إيه آي” أن هذه الاقتراحات لم تكن كافية لمنع المراهق من الانتحار، وأن النموذج قد يكون ساهم في تفاقم مشاعره السلبية أو قدم حلولاً غير مناسبة. وتشير التقارير إلى أن نظام الذكاء الاصطناعي قدم استشارات حول طرق الانتحار، وهو ما يعد انتهاكاً واضحاً للمعايير الأخلاقية.
تهميش مسؤولية الشركة
تعتبر قضية آدم راين سابقة من نوعها في تحديد مسؤولية مطوري الذكاء الاصطناعي عن الأضرار التي قد تنجم عن استخدام نماذجهم. وتزعم أسرة راين أن الشركة تدرك المخاطر المرتبطة بـ “شات جي بي تي” لكنها لم تتخذ الإجراءات الكافية للتخفيف منها، وأن القيمة السوقية المتزايدة للشركة (من 86 مليار دولار إلى 300 مليار دولار) تعكس تجاهلها لهذه المخاطر.
بينما تؤكد “أوبن إيه آي” أنها تقوم بتحسين آليات السلامة في نماذجها باستمرار، إلا أنها ترفض الاعتراف بالمسؤولية المباشرة عن قرار آدم راين. وتدعي الشركة أن سياق المحادثات الكاملة لم يتم تقديمه بشكل كامل، وأن التحليل الشامل لجميع البيانات هو ضروري للوصول إلى استنتاجات دقيقة.
الجدير بالذكر أن الحوارات التي جرت بين آدم راين و “شات جي بي تي” ركزت على قضايا تتعلق بالوحدة والقلق والاكتئاب، وهي قضايا شائعة بين المراهقين. ويتسبب هذا في تساؤلات حول قدرة الذكاء الاصطناعي على التعامل مع هذه المشاعر بشكل مسؤول وتقديم الدعم المناسب.
الأحداث المتعلقة بهذه القضية سلطت الضوء على أهمية الرقابة الأبوية والإشراف على استخدام الأطفال والمراهقين لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أثارت هذه الأحداث نقاشًا حول الحاجة إلى وضع قوانين ولوائح تنظم تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، وتحدد مسؤوليات الشركات المطورة في حالة وقوع أضرار.
“شات جي بي تي” ليس النموذج الوحيد الذي يثير مثل هذه المخاوف، حيث توجد العديد من التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي التي تقدم خدمات مشابهة. لذلك، من الضروري إجراء تقييم شامل للمخاطر المحتملة المرتبطة بهذه التقنيات، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية المستخدمين، خاصةً الفئات الأكثر ضعفاً.
من المتوقع أن تبدأ المرحلة التالية في هذه القضية بمزيد من التحقيقات القانونية والتقنية، ومحاولات من كلا الطرفين لتقديم الأدلة التي تدعم مواقفهما. وسيكون من المهم متابعة تطورات القضية، خاصةً فيما يتعلق بقرارات المحكمة المحتملة، والتي قد يكون لها تأثير كبير على مستقبل صناعة الذكاء الاصطناعي. كما تجدر الملاحظة أن هناك دعاوى مماثلة قيد النظر، ما يزيد من تعقيد المشهد القانوني والأخلاقي المتعلق بالذكاء الاصطناعي.






