أعلنت الحكومة السعودية عن توسيع نطاق خدماتها الرقمية لتشمل تغطية شاملة لـ العقود الإلكترونية، وذلك في إطار سعيها لتحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات رقمية بالكامل. ويأتي هذا الإعلان بعد إطلاق عدد من الخدمات المتعلقة بالعقود الإلكترونية بشكل تدريجي، مع التركيز على تسهيل إجراءات التعاقد بين القطاعين العام والخاص، وكذلك بين الأفراد والمؤسسات. وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة الشفافية، وتقليل الأخطاء، وتسريع عملية إنجاز المعاملات.

ويشمل التوسع الجديد كافة أنواع العقود الإلكترونية المتاحة على المنصة الحكومية الرقمية، بدءًا من عقود التوظيف وصولًا إلى عقود الخدمات والمشتريات. ويأتي هذا التطبيق في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، ويهدف إلى توفير خدمات موحدة وفعالة لجميع المستفيدين. بالإضافة إلى ذلك، يجري حاليًا اختبار آليات جديدة لتقديم الخدمات بشكل مختلف للشركات والأفراد.

أهمية تفعيل العقود الإلكترونية في المملكة

تعتبر خطوة تفعيل العقود الإلكترونية جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تركز على التحول الرقمي والتنويع الاقتصادي. وتسعى الحكومة إلى تحسين بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز مكانة المملكة كمركز ريادي في المنطقة. فيما يتعلق بالخدمات الرقمية، من المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في زيادة الكفاءة وفعالية الإجراءات الحكومية.

دور التقنية في تسهيل العقود

تستند المنصة الرقمية للعقود الإلكترونية إلى أحدث التقنيات في مجال الأمن السيبراني وتوقيعات المصادقة الرقمية. وتهدف هذه التقنيات إلى ضمان صحة وموثوقية العقود، ومنع التلاعب والاحتيال. كما تسهل عملية التحقق من صحة الأطراف المتعاقدة، وتوفر سجلًا رقميًا كاملاً لجميع مراحل التعاقد، وهو ما يعزز الشفافية والمساءلة.

فوائد تحويل العقود إلى رقمية

يوفر استخدام العقود الإلكترونية العديد من الفوائد للأطراف المتعاقدة. فعلى سبيل المثال، يقلل من التكاليف المرتبطة بالطباعة والتخزين والبريد. كما يسهل عملية البحث عن العقود واسترجاعها، ويوفر الوقت والجهد. بالإضافة إلى ذلك، يساهم في تقليل الأخطاء الناتجة عن إدخال البيانات يدويًا. وفقًا لتقرير صادر عن وزارة التجارة، فإن الشركات التي اعتمدت العقود الإلكترونية شهدت انخفاضًا بنسبة 15% في تكاليف إدارة العقود.

ومع ذلك، يرافق هذا التحول تحديات يجب معالجتها. من أهم هذه التحديات، ضرورة توعية جميع الأطراف المتعاقدة بأحكام وشروط العقود الإلكترونية، وتوفير التدريب اللازم لاستخدام المنصة الرقمية. إضافة إلى ذلك، يجب ضمان توفير البنية التحتية اللازمة للاتصال بالإنترنت في جميع مناطق المملكة، لتسهيل الوصول إلى الخدمات الرقمية.

التجربة المستمرة وتقديم خدمات متنوعة

أكدت الجهات المعنية أن المنصة الحكومية الرقمية تخضع حاليًا لعملية تجريب مستمرة، بهدف تحسين أدائها وتوسيع نطاق خدماتها. وتشمل هذه التجارب اختبار آليات جديدة لتقديم الخدمات بالإلكتروني، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل العقود والتأكد من مطابقتها للأنظمة والقوانين. كما يتم دراسة إمكانية دمج المنصة مع أنظمة الدفع الإلكتروني، لتسهيل عملية سداد المبالغ المستحقة بموجب العقود.

وبالنسبة لقطاع الأعمال، يجري تطوير خدمات متخصصة تلبي احتياجات الشركات والمؤسسات المختلفة. وتشمل هذه الخدمات، توفير نماذج عقود جاهزة، وتقديم الدعم القانوني والإداري للشركات في صياغة وإدارة العقود. في الوقت نفسه، يتم تطوير خدمات مخصصة للأفراد، مثل عقود الإيجار وعقود الخدمات المنزلية، لتسهيل إجراءات التعاقد وتسوية المنازعات.

وتستمر وزارة العدل في التعاون مع الجهات الحكومية الأخرى، مثل وزارة التجارة والاستثمار وهيئة تنظيم الاتصالات، لتطوير القوانين واللوائح المنظمة للعقود الإلكترونية. ويشمل ذلك، إصدار نظام خاص بالتوقيع الإلكتروني، وتحديد الضوابط القانونية لإثبات صحة العقود الإلكترونية في المحاكم. هذا الجهد يأتي في إطار سعي الحكومة لخلق بيئة قانونية واضحة ومستقرة تدعم استخدام العقود الإلكترونية.

وتشير البيانات المتاحة إلى أن أعداد المستخدمين للمنصة الحكومية الرقمية آخذة في الازدياد بشكل مطرد. وقد سجلت المنصة زيادة بنسبة 20% في عدد المستخدمين الجدد خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما يعكس تزايد الثقة في الخدمات الرقمية المقدمة. وتسعى الحكومة إلى زيادة الوعي بأهمية العقود الإلكترونية، وتقديم المزيد من الحوافز للمستخدمين لتشجيعهم على الاعتماد على هذه الخدمات. وتعد هذه الخطوة جزءاً من التحول نحو التحول الرقمي الشامل و الخدمات الحكومية الذكية.

في المستقبل القريب، من المتوقع أن يتم الإعلان عن المزيد من الخدمات الجديدة المرتبطة بالعقود الإلكترونية، وتنفيذ حملات توعية مكثفة لتعريف الجمهور بهذه الخدمات. كما من المحتمل أن يتم إطلاق نسخة جديدة من المنصة الحكومية الرقمية، تتضمن تحسينات في التصميم والأداء، وتوفير المزيد من الميزات والخيارات. إلا أن نجاح هذا التحول يعتمد على استمرار التعاون بين القطاعين العام والخاص، والعمل على تذليل العقبات التي تواجه المستخدمين.

شاركها.