أثارت مقابلة مع ديفيد بازوكي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لمنصة الألعاب الشهيرة “روبلوكس”، جدلاً واسعاً بعد تحولها إلى دفاع حاد عن المنصة في مواجهة اتهامات تتعلق بأمان الأطفال. جاءت المقابلة ضمن بودكاست “هارد فورك” التابع لصحيفة “نيويورك تايمز”، وتناولت بشكل رئيسي جهود الشركة لمعالجة قضايا الاعتداء على الأطفال داخل اللعبة، ومستويات الأمان التي توفرها، وميزة التحقق من العمر الجديدة. وتأتي هذه التطورات في وقت يزداد فيه التدقيق على روبلوكس والمنصات المماثلة من قبل الجهات الرقابية والمدافعين عن حقوق الطفل.
بدأت المقابلة بنبرة إيجابية، حيث تحدث بازوكي عن الميزات الجديدة في “روبلوكس” وكيف يمكن لأزمة المعتدين أن تكون فرصة لتحسين الحماية. ولكن المسار تغير بشكل ملحوظ عندما بدأ المُحاورون في طرح أسئلة حول التقارير السابقة التي تشير إلى أن “روبلوكس” كانت تعطي الأولوية للنمو السريع على حساب سلامة المستخدمين الصغار.
التحقق من العمر في روبلوكس: تفاصيل وآثار
أكد بازوكي أن مشاركته في المقابلة كانت مدفوعة بإعجابه بالبودكاست ورغبته في شرح ميزة التحقق من العمر الجديدة التي أطلقتها “روبلوكس”. وأوضح أن هذه الميزة، التي تتضمن التحقق من الصور، ليست الطريقة الوحيدة التي تعتمدها الشركة للتحقق من أعمار المستخدمين. وأضاف: “نحن نجمع العديد من المؤشرات من خلال سلوك اللاعب داخل اللعبة لتحديد عمره بشكل مناسب”.
جاء إطلاق ميزة التحقق من العمر استجابةً لضغوط متزايدة وانتقادات واسعة النطاق، حيث اتُهمت “روبلوكس” بتسهيل التواصل بين المعتدين والأطفال. وتشير التقارير إلى أن المنصة تضم ملايين المستخدمين دون السن القانونية، مما يجعلها هدفًا جذابًا للأشخاص ذوي النوايا السيئة. ألعاب الفيديو عموماً تشكل مجالاً متزايداً للاهتمام فيما يتعلق بأمان الأطفال.
ردود فعل متباينة على دفاع بازوكي
أثارت ردود بازوكي الغاضبة في المقابلة انتقادات لاذعة من بعض المراقبين، الذين رأوا فيها محاولة لتقليل شأن المخاوف المشروعة بشأن أمان الأطفال. بينما أشاد به آخرون لشجاعته في الدفاع عن منصته ضد ما وصفوه بالاتهامات المبالغ فيها.
وفي المقابل، أكد بازوكي أن “روبلوكس” تأخذ هذه القضايا على محمل الجد وأنها تستثمر بشدة في تطوير أدوات وتقنيات جديدة لحماية المستخدمين. وذكر أن الشركة تعمل بشكل وثيق مع خبراء الأمن ومنظمات حماية الطفل لضمان بيئة آمنة وممتعة لجميع اللاعبين.
كما أشار إلى أن “روبلوكس” لا تتحمل المسؤولية الكاملة عن سلوك المستخدمين، وأن الآباء والمربيين يتحملون أيضًا دورًا مهمًا في توعية أطفالهم بمخاطر الإنترنت وكيفية حماية أنفسهم.
الرقابة وتحديات المحتوى: بالإضافة إلى التحقق من العمر، تواجه المنصات الرقمية تحديات كبيرة في مراقبة المحتوى الذي ينشئه المستخدمون، ومنع انتشار المواد الضارة أو غير اللائقة. تعتمد “روبلوكس” على مزيج من أنظمة الإشراف الآلي والمراجعة البشرية للكشف عن المحتوى المخالف وإزالته.
ومع ذلك، يبقى هذا العمل صعبًا نظرًا للحجم الهائل للمحتوى الذي يتم إنشاؤه يوميًا على المنصة. وتشير التقديرات إلى أن هناك مئات الآلاف من الألعاب والتجارب المختلفة المتاحة على “روبلوكس”، مما يجعل من المستحيل مراجعتها جميعًا يدويًا. وتعتبر هذه المشكلة شائعة بين العديد من منصات انشاء المحتوى.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها “روبلوكس” تدقيقًا بشأن قضايا السلامة. فقد تعرضت الشركة لانتقادات سابقة بسبب تقارير عن عمليات الاحتيال والتحرش والتنمر على المنصة. وقد أجرت “روبلوكس” العديد من التغييرات على سياساتها وإجراءاتها في محاولة لمعالجة هذه المشكلات.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول سلامة الأطفال على “روبلوكس” والمنصات المماثلة في التزايد، خاصةً مع استمرار نمو هذه المنصات وزيادة شعبيتها بين الأطفال والمراهقين. وستراقب الجهات الرقابية والمدافعون عن حقوق الطفل عن كثب الإجراءات التي تتخذها “روبلوكس” لحماية مستخدميها، وقد تفرض عقوبات أو قيود إضافية إذا لم تكن هذه الإجراءات كافية. من المرجح أن يتم تقديم المزيد من التقارير حول فعالية ميزة التحقق من العمر الجديدة في الأشهر القادمة.






