أثار تصريح للسياسي اللبناني نواف سلام جدلاً واسعاً، حيث اعتبر أن سلاح حزب الله لم يحقق الأهداف المعلنة في دعم قطاع غزة، كما أنه لم يوفر الحماية الكافية للمواطنين اللبنانيين. يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوترات الحدودية بين لبنان وإسرائيل، وتزايد النقاش حول تأثير “وحدة الساحات” على الأمن القومي اللبناني. وقد أطلق سلام هذا التصريح في توقيت بالغ الحساسية، مع استمرار الحرب في غزة والضغوط الدولية المتزايدة على لبنان.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر، كثف حزب الله من هجماته عبر الحدود الجنوبية للبنان، معلناً دعمه للفلسطينيين وتخفيف الضغط على القطاع. ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين أن هذه العمليات لم تنجح في تغيير مسار الأحداث في غزة، بل أدت إلى تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في لبنان. وقد أثار هذا الأمر تساؤلات حول مدى فعالية هذه الاستراتيجية في تحقيق الأهداف المرجوة.
جدوى “وحدة الساحات” وتداعياتها على لبنان
تعتبر “وحدة الساحات” مفهوماً يتبناه حزب الله، يهدف إلى ربط الصراعات الإقليمية ببعضها البعض، وتوحيد جهود المقاومة ضد إسرائيل. لكن، وفقاً لسلام، فإن تطبيق هذا المفهوم على أرض الواقع لم يأتِ بالنتائج المرجوة، بل ألحق أضراراً كبيرة بلبنان دون تحقيق مكاسب استراتيجية في غزة.
الخسائر المادية والبشرية في القرى الحدودية
شهدت القرى الحدودية الجنوبية اللبنانية دماراً واسعاً نتيجة القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل. وقد اضطر آلاف المواطنين إلى النزوح من منازلهم، بحثاً عن أماكن أكثر أماناً. وتشير التقديرات إلى أن هذه المواجهات كبدت الاقتصاد اللبناني، الذي يعاني بالفعل من أزمة حادة، خسائر فادحة إضافية.
تأثير الصراع على الاستقرار السياسي
أدى استمرار القتال إلى تفاقم الانقسامات السياسية الداخلية في لبنان. وتزايدت الدعوات إلى حصر السلاح بيد الدولة، وتجنب الانجرار إلى حرب شاملة. كما أثيرت مخاوف بشأن تأثير هذا الصراع على المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، واحتمال تعثر برنامج الإصلاح الاقتصادي.
تآكل الردع والضغوط الدولية
يرى سلام أن استمرار المواجهات يضعف الردع اللبناني، ويعرض البلاد لمخاطر أكبر. ويؤكد على أن الحماية الحقيقية للبنان تكمن في تحييده عن الصراعات الإقليمية، والالتزام بالقرارات الدولية، وخاصة القرار 1701 الذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار في جنوب لبنان.
القرار 1701، الذي صدر عام 2006 بعد حرب لبنان الثانية، ينص على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، ونشر قوات حفظ السلام الدولية. إلا أن تطبيقه الكامل لا يزال متعثراً، بسبب استمرار حزب الله في التسلح والقيام بعمليات عسكرية عبر الحدود.
مستقبل التوترات واحتمالات التصعيد
تتزايد الدعوات الدولية إلى وقف التصعيد، والتوصل إلى حل سياسي يضمن الاستقرار في المنطقة. وتجري حالياً جهود دبلوماسية مكثفة، بوساطة دولية، لوقف القتال بين حزب الله وإسرائيل. ومع ذلك، لا تزال العقبات كبيرة، ولا يوجد حتى الآن أي مؤشر على قرب التوصل إلى اتفاق.
من المتوقع أن تستمر التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في الأيام والأسابيع القادمة. ويراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات على الأرض، ويخشى من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة. وستعتمد الخطوات التالية على نتائج الجهود الدبلوماسية، ومدى التزام الأطراف المعنية بوقف التصعيد وتجنب المزيد من الخسائر.

