أوقفت منصة “أب بِت” (Upbit) الكورية الجنوبية، إحدى أكبر منصات تداول العملات المشفرة في العالم، عمليات الإيداع والسحب مؤقتًا بعد اكتشاف تحويل غير مصرح به بقيمة تقارب 37 مليون دولار أمريكي من الأصول الرقمية. يأتي هذا الإجراء في أعقاب إعلان شركة التكنولوجيا العملاقة “نافير” (Naver) عن صفقة استحواذ تاريخية على شركة “دونامو” (Dunamu) المالكة لـ”أب بِت”، مما أثار تساؤلات حول أمن المنصة في هذه الفترة الانتقالية.

وقع الحادث في 27 نوفمبر، وأكدت “أب بِت” أن الأصول المسروقة مرتبطة بشبكة “سولانا” (Solana). وأعلنت المنصة عن تعهدها بتعويض المستخدمين المتضررين بشكل كامل، لكنها لم تكشف عن تفاصيل إضافية حول طريقة الاختراق أو الإجراءات الأمنية المتخذة لمنع تكراره. هذا الحادث يلقي بظلال من الشك على الاستحواذ المرتقب ويضع الضوء على المخاطر الأمنية المرتبطة بمنصات تداول العملات المشفرة.

اختراق “أب بِت” وتداعياته المحتملة على استحواذ “نافير”

يُذكر أن الإعلان عن اختراق “أب بِت” جاء بعد وقت قصير من إعلان “نافير” عن اتفاقية الاستحواذ على “دونامو” بقيمة 10.3 مليار دولار أمريكي على شكل تبادل للأسهم. وكان من المفترض أن تعزز هذه الصفقة مكانة “نافير” في قطاع التكنولوجيا المالية المتنامي، وخاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي و تقنية البلوك تشين.

لم تصدر شركة “دونامو” المالكة لـ”أب بِت” أي تعليق رسمي فوري على الحادثة، مما جدد المخاوف بشأن مدى تأثير الاختراق على عملية الاستحواذ. قد يؤدي هذا الحادث إلى إعادة تقييم “نافير” لعملية الاستحواذ، أو على الأقل، قد يدفعها إلى طلب ضمانات إضافية تتعلق بالأمن السيبراني قبل إتمام الصفقة.

توسع “نافير” في مجالات التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي

تؤكد خطط “نافير” المعلنة سابقًا،، أنها عازمة على ضخ استثمارات تقدر بنحو 6.8 مليار دولار أمريكي (10 تريليونات وون كوري) في مجالي الذكاء الاصطناعي و تقنية البلوك تشين على مدى السنوات الخمس المقبلة. تهدف الشركة إلى دمج بنيتها التحتية الحالية في مجالي التمويل والذكاء الاصطناعي مع خدماتها الاستهلاكية المتنوعة.

أعلنت “نافير” أيضًا عن نيتها شراء كميات كبيرة من شرائح “إنفيديا” لتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير نماذج متقدمة. يظهر هذا التوجه رؤية استراتيجية واضحة لدى “نافير” للاستفادة من النمو المتسارع في هذين القطاعين التكنولوجيين.

وتعد هذه الصفقة خطوة جريئة من “نافير” نحو قطاع العملات الرقمية و التكنولوجيا المالية، وهي مجالات لم تكن في صميم أعمالها التقليدية. وتشمل أعمال “نافير” منصات للتسوق الإلكتروني وتطبيقات بحث وأنيمي، مما يدل على تنوع محفظة الشركة.

المخاطر الأمنية المتزايدة في عالم العملات المشفرة

يأتي اختراق “أب بِت” في ظل موجة من الهجمات السيبرانية المتزايدة على منصات العملات المشفرة على مستوى العالم. وفقًا لتقارير حديثة، من المتوقع أن تتجاوز قيمة العملات المشفرة المسروقة 2 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.

تستغل هذه الهجمات عادة نقاط الضعف في أنظمة الأمن السيبراني للمنصات، وغالبًا ما تستهدف محافظ المستخدمين أو عمليات نقل الأصول. ويشكل اختراق شبكة “سولانا” (Solana) تحديدًا مصدر قلق متزايد، حيث أن هذه الشبكة تشهد نموًا سريعًا في استخدامها وتطبيقها في مختلف المشاريع الرقمية.

ويؤكد الخبراء على أهمية تعزيز الإجراءات الأمنية في هذا القطاع، بما في ذلك استخدام تقنيات التشفير المتقدمة والمصادقة الثنائية، بالإضافة إلى إجراء عمليات تدقيق أمنية منتظمة. كما شددوا على الحاجة إلى زيادة الوعي لدى المستخدمين بأفضل الممارسات لحماية أصولهم الرقمية.

من المتوقع أن تقدم “أب بِت” و “نافير” تقريرًا أكثر تفصيلاً حول الحادثة والإجراءات المتخذة خلال الأيام القليلة القادمة. ويراقب المراقبون عن كثب تطورات هذا الوضع لمعرفة ما إذا كان سيؤثر على صفقة الاستحواذ أو يثير مخاوف أمنية أوسع نطاقًا في قطاع العملات المشفرة الكوري الجنوبي.

لا تزال التداعيات الكاملة لهذا الاختراق غير واضحة. يجب على “نافير” و “أب بِت” العمل بسرعة لاستعادة ثقة المستخدمين وتطبيع العمليات. سيكون من المهم أيضًا مراقبة رد فعل الجهات التنظيمية الكورية الجنوبية، والتي قد تفرض تدابير أمنية أكثر صرامة على منصات تداول العملات الرقمية.

شاركها.