أوقفت شركة ميتا دراسة داخلية كانت تجريها، وكشفت عنها وثائق قضائية حديثة، تشير إلى أن المستخدمين الذين يقلعون عن استخدام منصة فيسبوك قد يشعرون بتحسن في صحتهم النفسية. وأظهرت الدراسة أن الامتناع عن استخدام فيسبوك مرتبط بانخفاض مستويات القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى تقليل الشعور بالمقارنة الاجتماعية. وقد أثارت هذه النتائج تساؤلات حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية للمستخدمين.

جاء الكشف عن هذه الدراسة في سياق دعوى قضائية مرفوعة ضد عدة شركات تكنولوجيا كبرى، بما في ذلك يوتيوب وسناب شات وتيك توك وميتا، من قبل مجموعات من أولياء الأمور والمناطق التعليمية. وتتهم الدعوى هذه الشركات بتجاهل الآثار السلبية المحتملة لمنصاتها على الأطفال والمراهقين، وعدم اتخاذ تدابير وقائية كافية.

تأثير فيسبوك على الصحة النفسية: نتائج الدراسة المثيرة للجدل

بدأت ميتا مشروع “ميركوري” في أواخر عام 2019 بهدف فهم أعمق لكيفية تأثير منصات التواصل الاجتماعي على رفاهية المستخدمين. وشملت الدراسة عينة عشوائية من المستخدمين الذين توقفوا عن استخدام فيسبوك وإنستغرام لمدة شهر.

وفقًا للوثائق التي قدمتها المحكمة، أظهرت النتائج الأولية أن المشاركين الذين امتنعوا عن استخدام المنصات لمدة أسبوع واحد فقط، سجلوا انخفاضًا في مستويات القلق والتوتر والاكتئاب، بالإضافة إلى تقليل الشعور بالمقارنة الاجتماعية السلبية.

رد فعل ميتا وإنكار النتائج

أثار هذا الاكتشاف استياءً داخل ميتا، مما أدى إلى إيقاف الدراسة. وبرر آندي ستون، المتحدث الرسمي باسم ميتا، هذا الإجراء بالقول إن الدراسة كانت تعاني من عيوب منهجية. وأضاف أن بعض المشاركين كانوا يعتقدون بالفعل أن فيسبوك يضر بصحتهم، وبالتالي فإن تحسنهم النفسي أثناء فترة الامتناع قد يكون ناتجًا عن هذا الاعتقاد المسبق وليس عن تأثير فيسبوك نفسه.

وأضاف ستون أن ميتا استمعت إلى مخاوف أولياء الأمور وأجرت تغييرات على منصاتها على مدار العقد الماضي بهدف حماية المراهقين ومنح الأهل مزيدًا من التحكم في حسابات أطفالهم.

تأتي هذه التطورات في وقت يزداد فيه التدقيق في تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية، خاصة بين الشباب. وتشير العديد من الدراسات إلى وجود صلة بين الاستخدام المفرط لهذه المنصات وزيادة خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب ومشاكل أخرى.

في المقابل، أكدت شركة جوجل أن الدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم تسيء فهم طبيعة منصة يوتيوب. وأوضحت أن يوتيوب هي منصة لبث الفيديو تعرض محتوى متنوعًا، على غرار ما تعرضه أجهزة التلفزيون، وليست منصة تواصل اجتماعي بالمعنى التقليدي.

تعتبر هذه القضية جزءًا من نقاش أوسع حول مسؤولية شركات التكنولوجيا في حماية مستخدميها، وخاصة الفئات الأكثر ضعفًا. وتشمل المخاوف الرئيسية قضايا مثل الإدمان الرقمي، والتنمر عبر الإنترنت، وانتشار المعلومات المضللة.

من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها ميتا انتقادات بشأن تأثير منصاتها على الصحة النفسية. فقد أثارت تسريبات سابقة من الشركة مخاوف بشأن تأثير إنستغرام على صورة الجسم لدى المراهقات.

من المتوقع أن تستمر المحكمة في فحص الوثائق المقدمة من قبل الشركات المتهمة، وأن يتم الاستماع إلى حجج الطرفين في الأشهر المقبلة. وستكون نتائج هذه الدعوى القضائية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لصناعة التكنولوجيا بأكملها، وقد تؤدي إلى تغييرات في كيفية تصميم وتشغيل منصات التواصل الاجتماعي. يبقى من غير المؤكد ما إذا كانت المحكمة ستجد الشركات المتهمة مسؤولة عن الأضرار التي لحقت بالمستخدمين، ولكن القضية تسلط الضوء بالتأكيد على الحاجة إلى مزيد من البحث والتنظيم في هذا المجال.

شاركها.