جدد وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، مطالبته للحكومة اللبنانية باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف بث القنوات الفضائية التابعة لجماعة الحوثي من الأراضي اللبنانية. وتأتي هذه المطالبات وسط تصاعد التوترات الدبلوماسية بشأن الدور الإعلامي للحوثيين في المنطقة، وتأثيره على الأمن والاستقرار في اليمن. وتعتبر الحكومة اليمنية هذا البث انتهاكاً لسيادة اليمن وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية.
وتتركز عمليات البث هذه في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث تستفيد القنوات الحوثية من بنية تحتية لوجستية وتقنية متوفرة. وتتهم اليمن هذه القنوات بالتحريض على العنف والكراهية، ونشر معلومات مضللة، مما يعيق جهود السلام ويطيل أمد الصراع. وتشكل هذه القضية تحدياً للعلاقات بين اليمن ولبنان، بالإضافة إلى علاقات لبنان بدول الخليج العربي.
الوضع الإعلامي الحوثي في لبنان وتداعياته
تعود جذور التواجد الإعلامي للحوثيين في لبنان إلى عام 2014، بعد سيطرة الجماعة على صنعاء. وبحسب مصادر يمنية، سعت الجماعة إلى إقامة قواعد إعلامية خارج اليمن لتجاوز القيود المفروضة عليها، والوصول إلى جمهور أوسع. وقد اختارت الضاحية الجنوبية في بيروت موقعاً استراتيجياً لهذه العمليات، نظراً للعوامل الأمنية واللوجستية المتاحة.
تأثير القنوات الحوثية على الأمن الإقليمي
تعتبر الحكومة اليمنية أن القنوات الفضائية الحوثية، مثل المسيرة والساحات، تمثل منصات لنشر الأيديولوجيا المتطرفة، وتجنيد المقاتلين، وجمع التبرعات. وتشير تقارير إلى أن هذه القنوات تتلقى دعماً مالياً ولوجستياً من جهات إقليمية معينة، مما يعزز قدرتها على الاستمرار في البث والتأثير.
بالإضافة إلى ذلك، يرى مراقبون أن الخطاب الإعلامي الحوثي يساهم في تأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة، وزعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي. وتتهم الجماعة باستخدام وسائل الإعلام لتبرير أعمالها العسكرية، وتشويه صورة خصومها، ونشر الذعر بين المدنيين.
العلاقات الدبلوماسية المتوترة
لقد أثارت هذه القضية احتجاجات متكررة من الحكومة اليمنية لدى السلطات اللبنانية. وتعتبر اليمن أن استمرار بث هذه القنوات يشكل خرقاً لمبدأ النأي بالنفس الذي تتبعه لبنان في سياسته الخارجية، وتدخلاً في شؤونها الداخلية.
وقد أدت هذه الاحتجاجات إلى توتر في العلاقات بين لبنان وبعض دول الخليج العربي، التي تعتبر أمن اليمن جزءاً من أمنها القومي. ودعت هذه الدول لبنان إلى اتخاذ إجراءات فعالة لوقف بث القنوات الحوثية، وحماية المصالح الخليجية في اليمن.
الأسس القانونية للمطالبات اليمنية
تستند المطالبات اليمنية إلى عدة أسس قانونية، بما في ذلك ميثاق جامعة الدول العربية الذي يجرم استخدام أراضي أي دولة عربية كمنطلق للاعتداء على دولة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، هناك اتفاقيات ثنائية بين اليمن ولبنان تنص على التعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف، ومنع استخدام الأراضي اللبنانية لأغراض معادية لليمن.
ويرى خبراء قانونيون أن استضافة لبنان لقنوات حوثية تنتهك هذه الاتفاقيات، وتضع لبنان في موقف صعب على الساحة العربية والدولية. وتشير بعض المصادر إلى أن هناك ضغوطاً دولية متزايدة على لبنان لاتخاذ إجراءات حاسمة بشأن هذا الملف.
التحديات التي تواجه الحكومة اللبنانية
تواجه الحكومة اللبنانية تحديات كبيرة في التعامل مع هذا الملف، نظراً للوضع السياسي المعقد في لبنان، والانقسامات الداخلية حول العلاقة مع الحوثيين. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من ردود فعل محتملة من قبل الجماعة الحوثية، أو من قبل الجهات التي تدعمها.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن استجابة لبنان للمطالبات اليمنية تمثل اختباراً حقيقياً لمدى التزامه بالتضامن العربي، وحرصه على الحفاظ على علاقات جيدة مع دول الخليج.
في الوقت الحالي، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الحكومة اللبنانية بشأن هذه القضية. ومن المتوقع أن تجري مشاورات مكثفة بين المسؤولين اللبنانيين واليمنيين، والأطراف المعنية الأخرى، للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.
يبقى الوضع الإعلامي الحوثي في لبنان قضية خلافية، ويتطلب حلاً دبلوماسياً وقانونياً يضمن احترام سيادة اليمن، وحماية الأمن والاستقرار في المنطقة. وستراقب الأوساط الإقليمية والدولية عن كثب التطورات في هذا الملف، وتقييم مدى التزام لبنان بالتزاماته العربية والدولية.



