أعلنت شركة نوكيا الفنلندية، الرائدة في مجال شبكات الاتصالات، عن خطط لاستثمار 4 مليارات دولار في الولايات المتحدة. يهدف هذا الاستثمار الضخم إلى تعزيز البحث والتطوير والإنتاج، مع التركيز بشكل خاص على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في البنية التحتية للشبكات. يأتي هذا التوسع في ظل سعي الشركة لتحديث استراتيجياتها ومواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة.

سيخصص الجزء الأكبر من الاستثمار، بقيمة 3.5 مليار دولار، لجهود البحث والتطوير. بينما سيتم توجيه 500 مليون دولار إضافية نحو التصنيع وتكاليف رأس المال في ولايات تكساس ونيوجيرسي وبنسلفانيا، وفقًا لبيان الشركة الصادر يوم الجمعة. وتدير نوكيا حاليًا أكثر من 10 مواقع في أنحاء أمريكا الشمالية.

نوكيا تعيد اختراع نفسها في عصر الذكاء الاصطناعي

بعد مسيرة طويلة بدأت بصناعة الورق والإطارات، ثم هيمنة على سوق الهواتف المحمولة لعقود، تشهد نوكيا تحولًا استراتيجيًا جذريًا. تسعى الشركة اليوم لإعادة ترسيخ مكانتها في صميم الثورة التكنولوجية القائمة، مع التركيز القوي على التحول الرقمي والجيل القادم من الشبكات.

يعكس هذا التوجه إستراتيجية جديدة كشفت عنها نوكيا الأربعاء الماضي، تهدف إلى تبسيط العمليات الداخلية وإعادة تركيز الموارد على المجالات ذات النمو المرتفع، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. وتأتي هذه الخطوة بعد فترة من التحديات، بما في ذلك تحذيرات سابقة بشأن تراجع الأرباح بسبب الرسوم الجمركية وتقلبات أسعار الصرف.

يأتي الاستثمار في الولايات المتحدة في وقت تشهد فيه البلاد نقصًا في الشركات المصنعة الرئيسية لمعدات الاتصالات. مما يجعل نوكيا، إلى جانب إريكسون وسامسونغ، من بين الخيارات القليلة المتاحة لتطوير وتحديث البنية التحتية للشبكات اللاسلكية والألياف الضوئية.

شراكة استراتيجية مع إنفيديا لتعزيز القدرات الحوسبية

في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة الابتكار، أعلنت نوكيا عن شراكة استراتيجية مع شركة إنفيديا، المتخصصة في تصميم وتطوير وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) والدوائر المتكاملة. وقد استحوذت إنفيديا مؤخرًا على حصة تبلغ 2.9% في أسهم نوكيا، تقدر قيمتها بنحو مليار دولار.

تهدف هذه الشراكة إلى دمج شرائح إنفيديا الحوسبية المتقدمة في برمجيات شبكات الجيل الخامس (5G) والجيل السادس (6G) التي تقوم بتطويرها نوكيا. ومن المتوقع أن تساهم هذه التقنية في تحسين أداء الشبكات، وتقليل استهلاك الطاقة، وتمكين تطبيقات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل الواقع المعزز والقيادة الذاتية.

وبحسب تقارير، فإن هذه الخطوة تمثل نقطة تحول استراتيجية لشركة نوكيا. حيث تسعى إلى ربط مستقبلها بأحد اللاعبين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي، والاستفادة من قدراته الحوسبية لتطوير حلول شبكات مبتكرة.

التقى الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب بنظيره الأمريكي دونالد ترامب في أكتوبر الماضي، وكانت نوكيا من بين الموضوعات التي تم تناولها خلال الاجتماع في البيت الأبيض. مما يشير إلى أهمية هذه القضية بالنسبة للولايات المتحدة والفنلندا.

ويتوقع أن يؤدي هذا الاستثمار إلى خلق فرص عمل جديدة في الولايات المتحدة، وتعزيز القدرة التنافسية الأمريكية في مجال تكنولوجيا المعلومات. كما أنه يعكس التزام نوكيا بالسوق الأمريكية، ورغبتها في المساهمة في تطوير البنية التحتية للشبكات في البلاد.

في الختام، يمثل استثمار نوكيا في الولايات المتحدة خطوة حاسمة في سعيها لإعادة ابتكار نفسها في عصر الذكاء الاصطناعي. من المقرر أن تستعرض الشركة تفاصيل خطتها في الأشهر القليلة القادمة، مع التركيز على كيفية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها وخدماتها. ومع ذلك، لا تزال العديد من العوامل غير مؤكدة، بما في ذلك مدى نجاح الشراكة مع إنفيديا، وقدرة نوكيا على التغلب على المنافسة الشديدة في السوق، وتطور السياسات التجارية العالمية.

شاركها.