أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا نهائيًا وباتًا يلغي شهادات الدبلوم المهني، والبكالوريوس المهني، والليسانس المهني التي استحدثها المجلس الأعلى للجامعات. يأتي هذا القرار استجابةً لعدد من الطعون المقدمة من المتضررين، ويُعدّ تطورًا هامًا في منظومة التعليم العالي في مصر، خاصة فيما يتعلق بـالشهادات المهنية واعتمادها القانوني.
وقضت المحكمة بإلغاء هذه الشهادات، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، معتبرةً أن إنشائها كان مخالفًا للإطار العام لقانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية. وقد أكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن تعديل اللائحة الداخلية لكلية الزراعة بجامعة عين شمس كان متوافقًا مع المعايير الأكاديمية، إلا أن ذلك لا يبرر استحداث أنواع جديدة من الشهادات خارج الإطار القانوني المحدد.
حيثيات الحكم وتأثيره على الشهادات المهنية
أوضحت المحكمة أن المجلس الأعلى للجامعات تجاوز صلاحياته عند استحداث هذه الشهادات، وأن القرار صدر دون مراعاة الإجراءات القانونية اللازمة. وشددت على ضرورة التزام الجامعات بالشهادات الأكاديمية المعتمدة رسميًا، والتي تحددها اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975. هذا الحكم يثير تساؤلات حول مستقبل التعليم التطبيقي والمهني في مصر.
الآثار المترتبة على الحكم
يترتب على هذا الحكم عدد من الآثار الهامة، تشمل:
أولاً، إلزام الجامعات بمنح الشهادات الأكاديمية المعتمدة فقط، مثل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وفقًا للوائح المنظمة. ثانيًا، اعتبار أي شهادات مهنية مُنحت بعد صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات في 26 أكتوبر 2017، غير قانونية. ثالثًا، قد يتطلب الأمر إعادة النظر في وضع الطلاب الحاصلين على هذه الشهادات، وتحديد كيفية التعامل مع مؤهلاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يؤدي هذا الحكم إلى مراجعة شاملة لسياسات التعليم المهني في مصر، بهدف ضمان توافقها مع القانون وتلبية احتياجات سوق العمل. ويشمل ذلك إعادة تقييم البرامج الدراسية، وتطوير آليات الاعتماد، وتعزيز التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص.
من جهة أخرى، قد يؤثر هذا القرار على خطط بعض الجامعات لتطوير برامجها المهنية، وتقديم شهادات معتمدة تلبي متطلبات سوق العمل المتغيرة. ويرى بعض الخبراء أن الشهادات المهنية يمكن أن تلعب دورًا هامًا في سد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات الصناعة، ولكن يجب أن يتم إنشاؤها وفقًا للإطار القانوني المحدد.
يذكر أن هذا الحكم يأتي في أعقاب سنوات من الجدل حول مدى قانونية الشهادات المهنية التي استحدثها المجلس الأعلى للجامعات. وقد تقدم عدد من الخبراء والمختصين بمذكرات للمحكمة، يؤكدون فيها أن هذه الشهادات لا تحظى بالاعتراف القانوني اللازم، وأنها قد تضر بمستوى التعليم العالي في مصر. كما أن موضوع الاعتماد الأكاديمي للبرامج الدراسية كان محورًا رئيسيًا في النقاش.
هذا الحكم يمثل سابقة قضائية هامة، وقد يكون له تأثير كبير على مستقبل التعليم العالي في مصر. ويؤكد على أهمية الالتزام بالقانون، وضمان الشفافية والعدالة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعليم.
من المتوقع أن تقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بدراسة تفصيلية لحيثيات الحكم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه. كما يُتوقع أن يتم إصدار تعليمات للجامعات بشأن كيفية التعامل مع هذا القرار، وتحديد الخطوات التي يجب اتخاذها لتصحيح الوضع. يبقى أن نرى كيف ستتعامل الجامعات مع هذا الحكم، وما إذا كانت ستتمكن من إيجاد حلول بديلة لتلبية احتياجات سوق العمل في مجال التعليم المهني.
وفي الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم الطعن على هذا الحكم أمام محكمة أخرى. ولكن، في حال عدم وجود طعن، فإن الحكم سيكون نهائيًا وملزمًا لجميع الجامعات والمؤسسات التعليمية في مصر. يجب متابعة تطورات هذا الموضوع، لمعرفة كيف سيؤثر على مستقبل التعليم المهني والجامعي في البلاد.





