أعلنت سلطنة عمان اليوم الأحد، الموافق 23 نوفمبر 2025، عن اتفاقية هامة مع شركة إيرباص الفرنسية للدفاع والفضاء لتصميم وتصنيع وإطلاق أول قمر صناعي للاتصالات عماني. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية للبلاد وتأمين سيادتها في مجال الاتصالات، بالإضافة إلى تطوير القدرات الوطنية في قطاع الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة. وتأتي هذه الاتفاقية في إطار رؤية عمان 2040 للتنويع الاقتصادي والاعتماد على الابتكار.
ووفقًا لوكالة الأنباء العمانية، فإن الاتفاقية تتعلق بإنشاء “عُمان سات-1″، وهو قمر صناعي متخصص في خدمات الاتصالات. وقد تم توقيع الاتفاقية من قبل وزير النقل والاتصالات العماني، سعادة سعيد المعولي، والرئيس التنفيذي لأنظمة الفضاء في شركة إيرباص، آلان فوريه. ومن المتوقع أن يساهم القمر الصناعي في تحسين خدمات الاتصالات في جميع أنحاء سلطنة عمان.
نطاق التردد لقمر عُمان سات-1 وأهميته
سيتم تصميم وتصنيع القمر الصناعي “عُمان سات-1” بقدرة عالية في نطاق التردد “كيه إيه” (Ka-band). يُعد هذا النطاق الترددي من التقنيات الحديثة التي توفر سرعات بيانات عالية جدًا، مما يجعله مثاليًا لتطبيقات مثل الإنترنت عريض النطاق، والبث التلفزيوني، والاتصالات الخلوية. سيغطي القمر الصناعي سلطنة عمان بأكملها، بما في ذلك المياه الاقتصادية الخالصة، بالإضافة إلى مناطق واسعة في الشرق الأوسط وأفريقيا الشرقية وآسيا.
أكد سعادة سعيد المعولي أن المشروع يهدف إلى تحقيق السيادة الرقمية من خلال امتلاك بنية تحتية فضائية وطنية مستقلة وآمنة. وأضاف أن هذا سيساهم في تعزيز أمن المعلومات الوطني وضمان استمرارية الخدمات الحيوية في مختلف الظروف، بما في ذلك حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية. كما سيساعد في توسيع نطاق التغطية للاتصالات في المناطق الريفية والنائية، وتحسين جودة خدمات الإنترنت المقدمة للمواطنين والمؤسسات.
أهداف استراتيجية أوسع
لا يقتصر دور “عُمان سات-1” على توفير خدمات الاتصالات فحسب، بل يمتد ليشمل دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سلطنة عمان. فمن خلال توفير اتصال موثوق به وعالي السرعة، يمكن للقمر الصناعي أن يسهل نمو قطاعات مثل السياحة والتعليم والصحة والخدمات الحكومية الإلكترونية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يلعب دورًا في تعزيز الابتكار وريادة الأعمال من خلال توفير منصة للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة لتطوير وتقديم خدمات جديدة.
من جهته، أعرب آلان فوريه عن سعادته بالشراكة مع سلطنة عمان، مؤكدًا أن شركة إيرباص ستعمل على توفير أحدث التقنيات والحلول لضمان نجاح المشروع. وأشار إلى أن “عُمان سات-1” سيمثل إضافة قيمة إلى أسطول الأقمار الصناعية التابعة لإيرباص، وسيعزز مكانة الشركة كشركة رائدة في مجال الفضاء والاتصالات. وتعتبر هذه الاتفاقية خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون بين سلطنة عمان والاتحاد الأوروبي في مجال التكنولوجيا.
تأتي هذه الخطوة بعد إعلان سلطنة عمان في نوفمبر 2024 عن إطلاق أول قمر صناعي عماني متخصص في الاستشعار عن بعد ومراقبة الأرض، والذي تم تسجيله باسم السلطنة لدى المنظمة الدولية للاتصالات (ITU). وقد تم تجهيز هذا القمر الصناعي بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مما يتيح له جمع وتحليل البيانات بدقة وكفاءة عالية. ويعكس هذا الاهتمام المتزايد بقطاع الفضاء التزام سلطنة عمان بتطوير قدراتها التكنولوجية وتنويع مصادر دخلها.
تعتبر الاستثمارات في البنية التحتية الفضائية، مثل الأقمار الصناعية، جزءًا من استراتيجية أوسع تتبناها سلطنة عمان لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للتكنولوجيا والابتكار. وتشمل هذه الاستراتيجية أيضًا تطوير القوانين واللوائح المتعلقة بقطاع الفضاء، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتوفير التدريب والتعليم للكوادر الوطنية في هذا المجال.
من المتوقع أن تستغرق عملية تصميم وتصنيع وإطلاق “عُمان سات-1” حوالي 36 شهرًا. وستشمل المرحلة الأولى تحديد المتطلبات الفنية والتجارية للقمر الصناعي، وتصميم هيكله وأنظمته. أما المرحلة الثانية فستركز على تصنيع القمر الصناعي واختباره، بينما ستتضمن المرحلة الثالثة إطلاقه إلى الفضاء باستخدام صاروخ مناسب. وسيتم مراقبة أداء القمر الصناعي والتحكم فيه من قبل فريق متخصص في سلطنة عمان. يبقى التحدي الأكبر في ضمان التكامل السلس بين القمر الصناعي والبنية التحتية الأرضية الحالية، بالإضافة إلى تطوير الكفاءات المحلية اللازمة لتشغيله وصيانته على المدى الطويل.






