أعرب خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة عن قلقهم المتزايد بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم جامو وكشمير. وتتعلق هذه الانتهاكات بشكل خاص بهدم المنازل والاعتقالات التي تجريها السلطات الهندية، مما يثير مخاوف دولية بشأن الوضع الإنساني والأمني في المنطقة. وقد بدأت هذه المخاوف بالتصاعد بعد تغييرات دستورية كبيرة في عام 2019.
وتشير التقارير إلى أن السلطات الأمنية الهندية تقوم بهدم منازل المدنيين، خاصةً تلك التي يُزعم أن أفرادًا من عائلاتها متورطون في أنشطة تعتبرها الحكومة الهندية تهديدًا للأمن. بالإضافة إلى ذلك، هناك اتهامات بالاعتقالات التعسفية، والتي غالبًا ما تتم بموجب قوانين الأمن القومي. هذه الإجراءات تثير تساؤلات حول التزام الهند بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.
خلفية أزمة جامو وكشمير وتصاعد التوترات
يعود تاريخ النزاع في جامو وكشمير إلى التقسيم البريطاني للهند عام 1947، حيث تنازعت كل من الهند وباكستان على السيادة على الإقليم. وقد شهدت المنطقة عقودًا من الصراع والعنف، مع فترات من الهدوء النسبي والتوتر الشديد. تعتبر كشمير منطقة ذات حساسية عالية، وتؤثر الأحداث فيها بشكل كبير على العلاقات بين الهند وباكستان.
تغييرات 2019 وإلغاء المادة 370
في الخامس من أغسطس 2019، اتخذت الحكومة الهندية قرارًا مثيرًا للجدل بإلغاء المادة 370 من الدستور، والتي كانت تمنح جامو وكشمير وضعًا خاصًا وحكمًا ذاتيًا محدودًا. وقد أدى هذا الإجراء إلى تقسيم الإقليم إلى منطقتين خاضعتين للإدارة المركزية المباشرة، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق من السكان المحليين.
وقد فرضت السلطات الهندية قيودًا صارمة على الحركة والاتصالات في أعقاب إلغاء المادة 370، بما في ذلك حظر التجول وقطع خدمات الإنترنت والهاتف. كما أدى ذلك إلى زيادة في الاعتقالات والاحتجازات، مما أثار انتقادات من منظمات حقوق الإنسان الدولية.
اتهامات بالعقاب الجماعي
يرى خبراء حقوق الإنسان أن هدم المنازل والاعتقالات التعسفية يشكلان شكلاً من أشكال “العقاب الجماعي” ضد السكان المحليين. ويقولون إن هذه الإجراءات لا تستند إلى أي أساس قانوني واضح، وأنها تستهدف بشكل غير متناسب أولئك الذين يُشتبه في معارضتهم للحكومة الهندية.
وتشير التقارير إلى أن السلطات الهندية تستخدم قانون منع الأنشطة غير المشروعة (UAPA) على نطاق واسع لاحتجاز الأفراد لفترات طويلة دون توجيه اتهامات رسمية. ويعتبر هذا القانون مثيرًا للجدل بسبب غموضه وإمكانية استخدامه لقمع المعارضة السياسية.
التداعيات الإقليمية والدولية لانتهاكات حقوق الإنسان
تتجاوز تداعيات هذه الممارسات الحدود الداخلية لكشمير، حيث تساهم في تصعيد التوترات بين الهند وباكستان. وتتبادل الدولتان الاتهامات بدعم الإرهاب والتحريض على العنف في الإقليم، مما يعيق أي جهود للحل السلمي.
على الصعيد الدولي، تواجه الهند انتقادات متزايدة بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان في جامو وكشمير. وتدعو منظمات مثل “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” إلى إجراء تحقيقات مستقلة في الانتهاكات المزعومة، وإلى محاسبة المسؤولين عنها.
وتطالب الأمم المتحدة الهند بالوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبضمان حماية حقوق جميع السكان في جامو وكشمير. كما تحث الأمم المتحدة على استئناف الحوار بين الهند وباكستان لحل النزاع في الإقليم بشكل سلمي ودائم.
في الوقت الحالي، لا يوجد جدول زمني واضح لإنهاء القيود الأمنية أو لبدء عملية سياسية شاملة في جامو وكشمير. ومع ذلك، من المتوقع أن تستمر الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان في مراقبة الوضع عن كثب، والضغط على الهند للامتثال للمعايير الدولية. من المهم متابعة ردود فعل المجتمع الدولي، وخاصةً الدول الكبرى، على تطورات الأوضاع في المنطقة، بالإضافة إلى أي مبادرات دبلوماسية جديدة تهدف إلى تخفيف التوترات وإيجاد حل سياسي للأزمة.


