يشهد عدد الإسرائيليين الراغبين في الهجرة من إسرائيل ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2024 و2025، مدفوعًا بتزايد المخاوف الأمنية والسياسية والاقتصادية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 80 ألف إسرائيلي غادروا البلاد في عام 2024 وحده، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في العام الحالي، مما يثير تساؤلات حول التداعيات طويلة الأجل على المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي.

بدأ هذا التحول بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن عوامل أخرى مثل استمرار حالة عدم اليقين السياسي وتكاليف المعيشة المرتفعة تساهم في هذا القرار. أفاد العديد من الإسرائيليين بأنهم يشعرون بالإحباط من مسار الحكومة الحالي، ويرون في الهجرة وسيلة لتوفير مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا لأنفسهم ولأسرهم.

تداعيات الهجرة من إسرائيل على المستقبل

ويثير هذا النزوح مخاوف اقتصادية واجتماعية عميقة. يرى خبراء الاقتصاد أن الهجرة غالبًا ما تتسبب في “هجرة العقول”، حيث يغادر الأفراد ذوو المهارات العالية والتعليم الجيد البلاد، مما يؤدي إلى فقدان الكفاءات الضرورية للنمو الاقتصادي. ويشكل هؤلاء المهاجرون نسبة كبيرة من القوى العاملة الماهرة في إسرائيل، مثل العاملين في قطاع التكنولوجيا.

وفقًا لتقديرات جامعة تل أبيب، يساهم العاملون في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، الذين يمثلون 11٪ فقط من القوة العاملة، بحوالي ثلث الضرائب الحكومية. وبالتالي، فإن خسارة هذه الكفاءات يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الإيرادات الضريبية والقدرة التنافسية لإسرائيل.

وجهات المغادرين

تتجه وجهات الإسرائيليين المُهاجرين بشكل أساسي نحو أوروبا وأمريكا الشمالية. تشهد دول مثل ألمانيا و سويسرا و الولايات المتحدة زيادة في عدد الطلبات للحصول على الإقامة أو الجنسية من الإسرائيليين، وذلك بسبب الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي توفره هذه الدول.

بالإضافة إلى ذلك، يستفيد العديد من الإسرائيليين من برامج الحصول على الجنسية المتاحة لهم في دول مثل إسبانيا والبرتغال، والتي تمنح الجنسية لأحفاد اليهود الذين طُردوا من هذه الدول في القرن الخامس عشر. هذه البرامج توفر لهم فرصة للحصول على جواز سفر أوروبي، مما يسهل عليهم التنقل والإقامة في دول الاتحاد الأوروبي.

الآثار السياسية والاجتماعية

قد يكون لـ هجرة الإسرائيليين تأثير أيضًا على المشهد السياسي. يشير المحللون إلى أن غالبية المغادرين يميلون إلى وجهات نظر سياسية يسارية، مما قد يؤدي إلى تغيير في التوازن السياسي في إسرائيل.

في الوقت نفسه، يواجه المغادرون وصمة اجتماعية في بعض الأوساط، حيث يعتبر “الهبوط” (يورديم) بمثابة تخلٍ عن الوطن، على عكس “الصعود” (عوليم) الذي يُنظر إليه على أنه إسهام إيجابي في بناء الدولة. ومع ذلك، يبدو أن هذا المفهوم آخذ في التلاشي مع تزايد عدد المغادرين.

مستقبل الهجرة

تستمر وكالات الهجرة في تلقي طلبات متزايدة، مما يشير إلى أن الاتجاه الحالي قد يستمر في المستقبل القريب. يعزو الخبراء هذا الارتفاع إلى استمرار حالة عدم اليقين السياسي والأمني في إسرائيل، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة. ويعتقدون أن هذا النزيف المستمر للكفاءات قد يكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذه الأرقام لا تزال تخمينية، وأن الوضع قد يتغير اعتمادًا على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة. من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من الوضوح حول مستقبل الهجرة من إسرائيل، وما إذا كان هذا الاتجاه سيستمر أم أنه مجرد رد فعل مؤقت للأحداث الأخيرة.

شاركها.