انخفضت أسعار النفط اليوم، في تعاملات متأثرة بتقييمات السوق لمستقبل الإمدادات الروسية وتأثير العقوبات الغربية. شهدت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط تراجعاً ملحوظاً بعد فترة من عدم اليقين، مع استئناف عمليات الشحن من أحد المراكز الرئيسية لتصدير النفط الروسي. يعكس هذا الهبوط في الأسعار حالة من الهدوء النسبي في المخاوف المتعلقة بتعطيل الإمدادات العالمية.

بدأت بوادر الانخفاض في أسعار النفط خلال ساعات التداول الآسيوية واستمرت حتى بداية التعاملات الأوروبية. ويأتي هذا الانخفاض بعد تقلبات شهدتها الأسواق الأسبوع الماضي بسبب التوترات الجيوسياسية والعقوبات المفروضة على روسيا. ويراقب المستثمرون عن كثب أي تطورات جديدة قد تؤثر على المعروض من النفط في الأشهر المقبلة.

تراجع أسعار النفط واستئناف صادرات روسيا

ساهم استئناف عمليات التحميل في ميناء كوزينو، وهو مركز رئيسي لتصدير النفط الروسي، في تخفيف الضغط على الأسواق. وكانت هناك تقارير عن توقف مؤقت للعمليات في الميناء، مما أثار مخاوف بشأن انخفاض الإمدادات. لكن، وفقًا لمصادر في قطاع الطاقة، عادت العمليات إلى طبيعتها، مما أدى إلى انخفاض في أسعار النفط.

تأثير العقوبات الغربية

لا تزال العقوبات الغربية المفروضة على روسيا تشكل عاملاً رئيسياً في تحديد مسار أسعار النفط. تهدف هذه العقوبات إلى تقليل قدرة روسيا على تمويل الحرب في أوكرانيا، ولكنها في الوقت نفسه تثير مخاوف بشأن تعطيل الإمدادات العالمية.

تتفاوت التقديرات حول مدى تأثير العقوبات على الإنتاج الروسي. تشير بعض التقارير إلى أن روسيا قد تكون قادرة على إعادة توجيه صادراتها إلى أسواق أخرى، مثل الصين والهند، مما قد يقلل من تأثير العقوبات. لكن، البعض الآخر يرى أن العقوبات ستؤدي حتماً إلى انخفاض في الإنتاج الروسي على المدى الطويل، مما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع.

علاوة على ذلك، أدت العقوبات إلى زيادة تكاليف الشحن والتأمين على النفط الروسي، مما يجعلها أقل جاذبية للمشترين. هذا بدوره قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط الروسي، وبالتالي الضغط على الأسعار.

عوامل أخرى مؤثرة في سوق النفط

بالإضافة إلى الوضع في روسيا، هناك عوامل أخرى تؤثر على سوق النفط العالمية. يشمل ذلك الطلب المتزايد على الطاقة في الصين، مع تخفيف القيود المتعلقة بـ كوفيد-19، ومخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي.

كما أن قرارات أوبك وحلفائها (أوبك+) بشأن مستويات الإنتاج تلعب دوراً حاسماً في تحديد الأسعار. في اجتماعها الأخير، قررت أوبك+ عدم إجراء أي تغييرات كبيرة على مستويات الإنتاج، مما أثار خيبة أمل لدى بعض المحللين الذين كانوا يتوقعون زيادة في المعروض.

وتشير بعض التقارير إلى أن الولايات المتحدة قد تدرس اتخاذ إجراءات إضافية لزيادة إنتاجها من النفط، بهدف تخفيف الضغط على الأسعار. لكن، من غير الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات ستكون كافية لتحقيق هذا الهدف.

وفي الوقت نفسه، تشهد أسواق الطاقة تحولًا نحو مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. هذا التحول قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط على المدى الطويل، مما قد يؤثر على الأسعار.

مخزونات النفط العالمية هي أيضا عامل مهم يجب مراقبته. تشير البيانات الأخيرة إلى أن المخزونات في الولايات المتحدة قد زادت، مما أدى إلى الضغط على الأسعار. لكن، المخزونات في مناطق أخرى من العالم لا تزال منخفضة، مما قد يدعم الأسعار.

تتأثر أسعار الطاقة أيضاً بتقلبات أسعار صرف العملات، وخاصة سعر الدولار الأمريكي. عادةً ما يكون هناك علاقة عكسية بين سعر الدولار وأسعار النفط، حيث أن ارتفاع سعر الدولار يجعل النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى.

في المقابل، يراقب خبراء الاقتصاد عن كثب تأثير ارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى على الطلب على النفط. فقد يؤدي ارتفاع الفائدة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وبالتالي انخفاض الطلب على الطاقة.

من الجدير بالذكر أن التوترات الجيوسياسية في مناطق أخرى من العالم، مثل الشرق الأوسط، يمكن أن تؤثر أيضاً على أسعار النفط. فأي اضطرابات في الإمدادات من هذه المناطق قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

من المتوقع أن يستمر السوق في تقييم تأثير العقوبات على روسيا خلال الأيام القادمة. كما سيراقب المستثمرون عن كثب أي بيانات جديدة حول المخزونات العالمية والطلب على النفط. من المقرر أن تعقد أوبك+ اجتماعاً آخر في أوائل الشهر القادم لمناقشة مستويات الإنتاج، ومن المتوقع أن يكون لهذا الاجتماع تأثير كبير على أسعار النفط في المستقبل. يبقى الوضع غير مؤكد، ويتوقف مسار الأسعار على تطورات متعددة.

شاركها.