رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتحول السياسي الجاري في الجابون، مع تأكيد دعم باريس للمرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد بعد أحداث الانقلاب في أغسطس 2023. وتأتي زيارة ماكرون إلى ليبرفيل في إطار تعزيز الشراكة الفرنسية-الجابونية، وخصوصاً في مجالات الاقتصاد والدفاع، مع التركيز على مستقبل التعاون في قطاع **المنجنيز** الحيوي.

وصل ماكرون إلى ليبرفيل أمس، وأكد على أن فرنسا ستظل شريكاً ملتزماً بدعم الجابون في مساعيها لتحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي. وأشار إلى أهمية هذه المرحلة في بناء مستقبل جديد للجابون بعد أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة بونجو، مع التأكيد على ضرورة الشمولية والتعددية السياسية.

أهمية دعم فرنسا للمرحلة الانتقالية في الجابون

تعتبر زيارة ماكرون بمثابة إشارة قوية بالدعم الفرنسي للسلطات الجديدة في الجابون بقيادة بريس أوليجي نجويما. يأتي هذا الدعم في ظل توترات إقليمية متزايدة، وتحديات تواجه استقرار منطقة وسط أفريقيا. وتحظى الجابون بأهمية استراتيجية لفرنسا، نظراً لموقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية، وخاصةً **المنجنيز** الذي تحتل فيه الجابون مركزاً عالمياً رائداً.

العلاقات الاقتصادية المتجددة

وشدد ماكرون على ضرورة تنويع الاقتصاد الجابوني، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط. وأكد على أهمية الاستثمار في الصناعات التحويلية، وتحديداً معالجة المواد الخام في الداخل، بما في ذلك **المنجنيز**. يهدف هذا التوجه إلى خلق فرص عمل جديدة، وزيادة القيمة المضافة للاقتصاد الجابوني، وتقليل اعتماده على التقلبات في أسعار النفط العالمية.

بالإضافة إلى ذلك، أكد الرئيس الفرنسي على أهمية مكافحة الفساد واستعادة الأموال التي يُزعم أنها نُهبت خلال فترة حكم الرئيس السابق علي بونجو. وأشار إلى أن هذه الخطوة ضرورية لبناء الثقة بين الحكومة والشعب، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

التعاون الدفاعي المستمر

ومنذ الانقلاب، حافظت الجابون على علاقات وثيقة مع فرنسا، وتم تجديد اتفاق الشراكة الدفاعية بين البلدين لمدة عامين. يتضمن الاتفاق الجديد تخفيضاً في الوجود العسكري الفرنسي في الجابون، مع التركيز بشكل أكبر على التدريب وتقديم الدعم اللوجستي للقوات المسلحة الجابونية. يأتي هذا التغيير استجابةً لمطالب السلطات الجابونية بتعزيز سيادة البلاد.

وتأمل الشركات الفرنسية العاملة في قطاعات النفط والغاز و**المنجنيز** في توسيع نطاق أعمالها في الجابون. وهناك اهتمام خاص بمشروع إعادة تأهيل خط السكك الحديدية الذي يمتد عبر البلاد، والذي يعتبر مشروعاً استراتيجياً من شأنه تعزيز التجارة والتبادل التجاري بين مختلف المناطق الجابونية.

تستثمر فرنسا أيضًا في قطاعات أخرى بالجابون، بما في ذلك الطاقة المتجددة والبنية التحتية. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الاستثمارات يمكن أن تساعد الجابون على تحقيق تنمية مستدامة وشاملة. وتشمل التحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية في الجابون، البيروقراطية والفساد وعدم الاستقرار السياسي.

وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة الجابونية عن خطط لإجراء إصلاحات اقتصادية شاملة، بهدف تحسين مناخ الاستثمار، وتشجيع ريادة الأعمال، وتنويع مصادر الدخل. وتشمل هذه الإصلاحات تبسيط الإجراءات الإدارية، وتخفيض الضرائب، وتعزيز الشفافية والمساءلة. كما تسعى الحكومة إلى جذب الاستثمارات في قطاعات جديدة، مثل السياحة والزراعة والصناعات الرقمية.

تعتبر هذه الزيارة خطوة هامة في إعادة تعريف العلاقات الفرنسية-الجابونية، في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الجابون تسعى إلى بناء شراكة أكثر توازناً مع فرنسا، تعتمد على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وتشمل التحديات المستقبلية، ضمان الاستقرار السياسي، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحسين مستوى معيشة الشعب الجابوني.

من المتوقع أن تعقد اجتماعات متابعة بين الجانبين الفرنسي والجابوني خلال الأشهر القادمة، لوضع خطة عمل مفصلة لتنفيذ المشاريع والاتفاقيات التي تم التوصل إليها. وستركز هذه الاجتماعات على تحديد الأولويات والجدول الزمني والموارد المطلوبة لتحقيق الأهداف المرجوة. يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين مرتبطًا بالتقدم الذي سيتم إحرازه في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية.

شاركها.