تواصل القوات المسلحة السودانية عملياتها العسكرية المكثفة في إقليم كردفان، في محاولة حاسمة لقطع خطوط الإمداد الرئيسية لقوات الدعم السريع وتغيير موازين القوى الميدانية. وتتركز الاشتباكات العنيفة بشكل خاص في مدينتي بابنوسة والأبيض، مما يهدد الاستقرار الإقليمي ويعيق جهود إيصال المساعدات الإنسانية. وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الصراع الدائر في السودان منذ منتصف أبريل 2023.
أفادت مصادر عسكرية بأن الجيش السوداني صد هجوماً كبيراً لقوات الدعم السريع على الفرقة 22 مشاة في بابنوسة، مستفيداً من الدعم الجوي الذي استهدف مواقع القوات المهاجمة. وفي محور شمال كردفان، غرب الأبيض، أعلن الجيش عن تدمير أكثر من 20 آلية عسكرية تابعة للدعم السريع خلال الأسبوعين الماضيين، مع استمرار عمليات التمشيط. وتشير التقارير إلى أن هذه العمليات تهدف إلى تأمين المنطقة وتقويض قدرة الدعم السريع على التقدم.
الأهمية الاستراتيجية لإقليم كردفان في الصراع
يُعد إقليم كردفان نقطة وصل حيوية تربط دارفور، المعقل الرئيسي لقوات الدعم السريع، بالعاصمة الخرطوم وبقية مناطق وسط السودان. وتكتسب مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، أهمية خاصة كونها مركزاً لوجستياً وتجارياً رئيسياً، حيث يمر عبرها طريق رئيسي للصادرات والواردات وشبكة سكك حديدية حيوية. وبالتالي، فإن السيطرة على كردفان تمثل هدفاً استراتيجياً لكلا الطرفين المتحاربين.
أهداف الجيش السوداني
تسعى قيادة الجيش السوداني من خلال هذه العمليات إلى تحقيق هدفين رئيسيين: تأمين مدينة الأبيض ومنع سقوطها في يد قوات الدعم السريع، وقطع طرق الإمداد التي تستخدمها الدعم السريع لنقل المقاتلين والأسلحة من دارفور إلى جبهات القتال الأخرى. وتعتبر هذه الخطوة ضرورية لتقويض قدرة الدعم السريع على مواصلة القتال في الخرطوم والجزيرة وسنار.
أهداف قوات الدعم السريع
في المقابل، تسعى قوات الدعم السريع إلى السيطرة على بابنوسة والأبيض لإحكام قبضتها على غرب كردفان وتعزيز نفوذها في الشريط الغربي للبلاد. ويرى مراقبون أن السيطرة على هذه المناطق ستمنح الدعم السريع قاعدة انطلاق قوية لشن عمليات مستقبلية وتأمين طرق الإمداد الخاصة بها.
التداعيات المحتملة وتأثير المعارك
يحمل التصعيد العسكري في إقليم كردفان تداعيات خطيرة تتجاوز الجانب العسكري المباشر. فالمنطقة غنية بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك حقول النفط ومحطات المعالجة وخطوط أنابيب تصدير النفط لدولة جنوب السودان. استمرار القتال يهدد بتعطيل هذه المرافق الحيوية، مما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الإقليمي والعلاقات بين السودان وجنوب السودان.
علاوة على ذلك، فإن نجاح الجيش في عزل قوات الدعم السريع في دارفور قد يجبر الطرف الآخر على إعادة تقييم استراتيجيته أو القبول بشروط تفاوضية جديدة. ومع ذلك، فإن استماتة الدعم السريع في الدفاع عن مواقعه في بابنوسة والأبيض تشير إلى أنه لن يتخلى بسهولة عن مكاسبه في المنطقة. وتشير التحليلات إلى أن المعارك في كردفان قد تمتد لفترة أطول، خاصة مع تعثر جهود الوساطة الدولية.
الوضع الميداني الحالي يظهر سيطرة قوات الدعم السريع على معظم مناطق دارفور، بينما يحتفظ الجيش بسيطرة واسعة على الولايات الشمالية والشرقية والوسطى. ويظل إقليم كردفان هو ساحة المعركة الحاسمة التي قد تحدد مستقبل الصراع في السودان. وتشير التقارير إلى أن الوضع الإنساني في المنطقة يتدهور بسرعة، مع تزايد أعداد النازحين واللاجئين.
من المتوقع أن تستمر المعارك في إقليم كردفان خلال الأسابيع القادمة، مع تركيز الجيش على تأمين مدينة الأبيض وقطع خطوط الإمداد. ومع ذلك، فإن مستقبل الصراع لا يزال غير واضح، ويتوقف على عدة عوامل، بما في ذلك الدعم الخارجي لكلا الطرفين، ونجاح جهود الوساطة، وتطورات الوضع الإنساني. ويراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب، مع مخاوف متزايدة بشأن احتمال وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق.


