تواصل القوات المسلحة السودانية عملياتها العسكرية المكثفة في إقليم كردفان، في محاولة لقطع شريان الإمداد الرئيسي لقوات الدعم السريع وتغيير موازين القوى الميدانية. وتتركز الاشتباكات بشكل خاص حول مدينتي بابنوسة والأبيض، مما يشير إلى أهمية معارك كردفان في تحديد مسار الصراع الدائر في السودان منذ منتصف أبريل. هذا التصعيد يأتي في ظل جهود إقليمية ودولية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السودانية.
وتشهد ولاية كردفان، خاصةً المناطق الغربية والشمالية الغربية، قتالًا عنيفًا بين الجيش وقوات الدعم السريع. أفادت مصادر عسكرية بأن الجيش تصدى لهجوم كبير شنه الدعم السريع على الفرقة 22 مشاة في بابنوسة، مع تدخل حاسم من سلاح الجو. وتشير التقارير إلى أن الجيش نجح في إحباط الهجوم وتكبيد قوات الدعم السريع خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات. هذا النجاح الميداني عزز من موقف الجيش في المنطقة.
تطورات معارك كردفان الأخيرة
أكدت القوات المشتركة التي تدعم الجيش السوداني تدمير أكثر من 20 آلية عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع غرب مدينة الأبيض خلال الأسابيع الأخيرة. وتستمر عمليات التمشيط لتأمين المنطقة وتحقيق مزيد من التقدم في مختلف المحاور. وتركز هذه العمليات على تعطيل حركة قوات الدعم السريع وتهديد خطوط إمدادها الرئيسية.
بابنوسة والأبيض: نقاط صراع حاسمة
تمثل بابنوسة والأبيض نقاط ارتكاز استراتيجية في ولاية كردفان. بابنوسة هي منطقة وصل رئيسية للسكك الحديدية، بينما تعتبر الأبيض مركزًا لوجستيًا وتجاريًا حيويًا يربط بين أجزاء مختلفة من السودان. السيطرة على هذه المدن تمنح الطرف المسيطر تحكمًا كبيرًا في حركة الإمدادات والأفراد.
الأهمية الاستراتيجية لإقليم كردفان في الصراع السوداني
يُعد إقليم كردفان حلقة وصل حيوية بين إقليم دارفور، الذي يشكل معقلًا رئيسيًا لقوات الدعم السريع، وبين العاصمة الخرطوم ووسط السودان. السيطرة على كردفان تسمح بالتحكم في طرق الإمداد الرئيسية وتسهيل أو تعطيل حركة القوات. كما أن المنطقة تتميز بأهمية اقتصادية كبيرة، بما في ذلك وجود حقول نفط وبنية تحتية مرتبطة بقطاع الطاقة.
تسعى قيادة الجيش السوداني من خلال هذه العمليات إلى تأمين مدينة الأبيض، وهو هدف رئيسي للحيلولة دون سقوطها في يد قوات الدعم السريع. بالإضافة إلى ذلك، يهدف الجيش إلى قطع طرق الإمداد التي تستخدمها قوات الدعم السريع، مما قد يعزلها في دارفور ويضعف قدرتها على القتال في مناطق أخرى. الوضع في كردفان يعتبر معقدًا بسبب التضاريس الجغرافية وتعقيد التحالفات المحلية.
التداعيات المحتملة على البنية التحتية والاقتصاد
يمثل التصعيد في كردفان تهديدًا للبنية التحتية الحيوية في المنطقة، بما في ذلك حقول النفط ومحطات الضخ الخاصة بخط أنابيب تصدير نفط جنوب السودان. استمرار المعارك قد يؤدي إلى تعطيل هذه المرافق، مما يؤثر سلبًا على اقتصادات السودان وجنوب السودان. هذا التعطيل يضاف إلى التحديات الاقتصادية المتراكمة التي يواجهها السودان جراء الصراع.
قد يؤدي نجاح الجيش في عزل قوات الدعم السريع في دارفور إلى تغيير كبير في مسار الحرب، مما يضغط على الطرف الآخر لقبول التفاوض بشروط جديدة. وعلى العكس من ذلك، فإن تمسك الدعم السريع بالسيطرة على بابنوسة والأبيض يعكس رغبته في توسيع نفوذه في غرب كردفان وتعزيز موقفه التفاوضي. يتزايد قلق المنظمات الإنسانية من تدهور الوضع الإنساني في كردفان مع استمرار القتال.
حتى الآن، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق دارفور، بينما يحتفظ الجيش بسيطرة واسعة على الولايات الشمالية والشرقية والوسطى. ولا تزال كردفان هي ساحة المعركة الحاسمة التي قد تحدد مستقبل الصراع في السودان. تعتمد نتيجة الاشتباكات في كردفان بشكل كبير على قدرة الجيش على الاستفادة من قوته الجوية وقدراته اللوجستية.
من المتوقع أن تستمر المعارك في إقليم كردفان خلال الأيام والأسابيع القادمة، مع احتمال تصعيدها إذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار. وتشير التقديرات الميدانية إلى أن كلا الطرفين يعززان قواتهما في المنطقة، مما يزيد من حدة القتال. سيكون مراقبو الشأن السوداني والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية يراقبون عن كثب التطورات في كردفان لتحديد تأثيرها المحتمل على مستقبل السودان.


