في جولة تفقدية ذات أهمية استراتيجية كبيرة، قام قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، بزيارة وحدات الجيش المنتشرة في جنوب لبنان على طول الخط الأزرق. تأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتأكيداً على دور الجيش في الحفاظ على الاستقرار والأمن، وعلى سيادة لبنان على حدوده.
الزيارة التي جرت هذا الأسبوع، شملت نقاطاً عسكرية متقدمة في القطاع الجنوبي، وتخللها لقاءات مع الضباط والأفراد. ويهدف هذا الإجراء إلى رفع معنويات القوات، وتقييم الاستعدادات العسكرية، والتأكيد على التزام الجيش بالقرارات الدولية المتعلقة بالمنطقة.
أهمية الدور الأمني للجيش على طول الخط الأزرق
يمثل الخط الأزرق، الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2000 عقب انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، نقطة تماس حساسة بين لبنان وإسرائيل. فالخط ليس مجرد فاصل جغرافي، بل هو مسرح لمخاوف أمنية مستمرة، ويتطلب مراقبة دقيقة لمنع أي اختراقات أو تصعيد.
قرار مجلس الأمن 1701 واليونيفيل
ينبع الدور الأمني للجيش اللبناني في الجنوب من قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي صدر في عام 2006 بعد حرب تموز. ينص القرار على نشر قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) بالتعاون مع الجيش اللبناني لضمان وقف إطلاق النار ومراقبة الحدود.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الزيارة تعكس أيضاً الدعم المستمر الذي يحظى به الجيش من المجتمع الدولي، والذي يعتبره الضامن الرئيسي للاستقرار في المنطقة الجنوبية. تؤكد هذه الزيارة أيضاً على أن الجيش هو المؤسسة المخولة بالتعامل مع أي تطورات أمنية على الحدود.
تكتسب هذه الجولة أهمية خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والأمنية التي يواجهها لبنان. فالجيش، رغم موارده المحدودة، يواصل القيام بمهامه على أكمل وجه، ويحافظ على وحدته وتماسكها في مواجهة الظروف الصعبة. وهذا ما أكده العماد عون خلال لقاءاته مع الجنود.
إضافة إلى ذلك، تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعداً في التوترات الإقليمية، بما في ذلك التوترات بين إسرائيل وحزب الله. إن وجود الجيش اللبناني القوي والمستعد على الحدود يساهم في ردع أي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار.
لا يقتصر دور الجيش على حماية الحدود من التهديدات الخارجية، بل يمتد ليشمل الحفاظ على الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب. وقد نفذ الجيش اللبناني العديد من العمليات الناجحة في السنوات الأخيرة، ضد خلايا إرهابية، مما ساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد. كما يساهم في حفظ الأمن في المخيمات الفلسطينية بالتعاون مع الفصائل المختلفة.
ويؤكد محللون أمنيين أن هذه الزيارة تحمل رسالة واضحة إلى إسرائيل بأن لبنان لن يتسامح مع أي انتهاك لسيادته أو لأمنه. كما أنها رسالة إلى المجتمع الدولي بأن لبنان بحاجة إلى دعم مستمر لجيشه، لتمكينه من القيام بمهامه على أكمل وجه.
ومع ذلك، يواجه الجيش تحديات جمة، بما في ذلك نقص التمويل والمعدات، بالإضافة إلى الضغوط السياسية الداخلية. فالاقتصاد اللبناني المنهار أثر بشكل كبير على ميزانية الجيش، مما أدى إلى تقليل التدريبات وشراء المعدات. وهذه التحديات تتطلب معالجة سريعة وفعالة، لضمان قدرة الجيش على مواجهة التهديدات المتزايدة. يشكل الدعم الدولي أمراً حاسماً لتلبية هذه الاحتياجات. وتشير تقارير إلى حاجة ملحة لتحديث معدات المراقبة والمعدات اللوجستية.
من المتوقع أن يقوم العماد عون بزيارات مماثلة لوحدات عسكرية أخرى في مختلف المناطق اللبنانية، خلال الأسابيع القادمة، وذلك بهدف التأكيد على التزام الجيش بحماية الوطن والمواطنين. كما من المتوقع أن يناقش مع كبار المسؤولين في الدولة سبل تعزيز قدرات الجيش وتوفير الدعم اللازم له.
في الختام، تبقى زيارة قائد الجيش اللبناناني إلى الجنوب خطوة مهمة تؤكد على دور المؤسسة العسكرية في الحفاظ على الاستقرار والأمن الوطني. ومع استمرار التحديات الأمنية والاقتصادية، يظل تعزيز قدرات الجيش وتوفير الدعم المستمر له، أمراً ضرورياً لضمان مستقبل لبنان كدولة مستقرة ومزدهرة.





