تبادلت القوات الروسية والأوكرانية القصف خلال الساعات الأخيرة، حيث استهدفت مسيرات منشآت حيوية في مناطق مختلفة. يأتي هذا التصعيد بالتزامن مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن خطة السلام الأمريكية قد تمثل نقطة انطلاق نحو تسوية نهائية، بينما أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى أن بلاده تمر بلحظة حرجة تتطلب قرارات مصيرية. وتتزايد المخاوف من تأثير هذه التطورات على الحرب في أوكرانيا.

وذكرت قيادة القوات الجوية الأوكرانية أنها اعترضت 89 مسيرة من أصل 104 أطلقتها روسيا، مؤكدةً أن الهجمات استهدفت أرجاء البلاد. وأضافت أن الهجوم تضمن استخدام صواريخ باليستية من طراز “إسكندر-إم”، مما يشير إلى تصعيد في نوعية الأسلحة المستخدمة. وبالتوازي، أفادت السلطات الأوكرانية بتعرض معبر أورليفكا الحدودي مع رومانيا للقصف، بينما شهدت مناطق في خيرسون قصفًا مكثفًا.

تداعيات الهجمات وتصعيد القصف

أظهرت تقارير ميدانية أن منطقة زاباروجيا سجلت أكثر من 500 هجوم بقذائف المدفعية وصواريخ براجمات، مستهدفةً 18 بلدة تقع على خط المواجهة. وتأتي هذه الهجمات بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية تدمير 69 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليلة الماضية، مع التركيز على استهداف مناطق في شبه جزيرة القرم ومنطقة سامارا. وأدى القصف في سامارا إلى أضرار في منشآت صناعية وقطاع الطاقة.

وتشير الأنباء إلى وقوع ضحايا مدنيين نتيجة الهجمات، حيث أبلغ حاكم منطقة سامارا عن مقتل شخصين وإصابة اثنين آخرين في مدينة سيزران بسبب سقوط حطام مسيرات على منشآت للطاقة. وتشكل حماية المدنيين أولوية قصوى وسط هذا التصعيد العسكري.

الوضع في كوبيانسك ومناطق أخرى

ادعت روسيا أنها استعادت السيطرة الكاملة على مدينة كوبيانسك، بالإضافة إلى 16 بلدة ومدينة أخرى في مقاطعة خاركيف وبلدة رادوسنوي في مقاطعة دنيبروبيتروفسك. إلا أن الجيش الأوكراني نفى هذه الادعاءات، واصفاً إياها بـ “غير دقيقة”، ومؤكداً استمرار القتال في تلك المناطق. هذا التضارب في المعلومات يعكس صعوبة التحقق من الأوضاع ميدانياً.

مبادرات السلام وتصريحات القادة

في سياق سياسي، صرح الرئيس بوتين بأن بلاده تلقت نصاً لخطة السلام الأمريكية، معتبراً إياها “قابلة للاعتماد” كأساس للتسوية النهائية، لكنه انتقد رفض كييف وحلفائها للدخول في حوار. وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الموقف السياسي تصلباً من الجانبين.

من جانبه، وصف الرئيس زيلينسكي الوضع الذي تمر به أوكرانيا بأنه “أحد أصعب اللحظات في تاريخها”، مشيراً إلى وجود خيارين: قبول 28 نقطة وصفها بأنها “صعبة” في الخطة الأمريكية، أو مواجهة “شتاء قاس للغاية”. وعقدت الرئاسة الأوكرانية اجتماعاً للوفد التفاوضي لتحديد الخطوات التالية في مساعي إنهاء الصراع.

وتشمل النقاط الرئيسية في الخطة الأمريكية التي كشفت عنها وسائل الإعلام، اعترافًا بسيطرة روسيا على دونباس وشبه جزيرة القرم، وتجميد خطوط السيطرة الحالية في خيرسون وزاباروجيا، وتقييد حجم الجيش الأوكراني، ومنع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. كما تتضمن الخطة بنوداً تتعلق بمحطة زاباروجيا النووية واستخدام نهر دنيبر.

وفي المقابل، تتطلب الخطة من روسيا سن قوانين تضمن عدم تهديد أوروبا أو أوكرانيا. وتثير هذه الخطة جدلاً واسعاً حول مستقبل الأزمة الأوكرانية وشرعية التنازلات المقترحة.

أبدى الاتحاد الأوروبي دعمه لمبادرات السلام، ولكنه أكد على ضرورة أن تحقق “سلاماً عادلاً” وأن تشارك أوكرانيا والأوروبيون في صياغتها. هذا يشير إلى أن أي تسوية يجب أن تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية.

في المجمل، تشير التطورات الأخيرة إلى دخول الصراع مرحلة جديدة تتسم بالتصعيد العسكري والمفاوضات السياسية المعقدة. من المتوقع أن يشهد الأيام القليلة القادمة مزيدًا من التوتر والبحث عن حلول سياسية، خاصةً مع قرب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس ترامب لقبول خطة السلام. وينبغي متابعة رد فعل أوكرانيا على هذه الخطة، وتطورات الوضع الميداني، ومواقف القوى الدولية الأخرى، لتقييم فرص تحقيق أي تقدم نحو إنهاء الحرب.

شاركها.