يتصاعد الجدل في المملكة المتحدة حول تعريف وتطبيق مصطلح “الإسلاموفوبيا“، وذلك بالتزامن مع ارتفاع ملحوظ في جرائم الكراهية التي تستهدف المسلمين. تأتي هذه النقاشات عقب تقرير حديث قدمته لجنة حكومية في نوفمبر 2025، تتناول صياغة تعريف رسمي وموحد لهذا المصطلح، والذي لا يزال قيد الدراسة من قبل السلطات البريطانية قبل الإعلان عن الصيغة النهائية.

تطور مفهوم الإسلاموفوبيا

ظهر مصطلح الإسلاموفوبيا لأول مرة في عام 1997، حيث عرّفته منظمة معنية بمكافحة العنصرية بأنه “الخوف أو التحامل غير المبرر تجاه الإسلام وتداعياته”. ومع مرور الوقت، تطور هذا التعريف، وساهمت عدة جهات في صياغته.

في عام 2018، قدمت لجنة برلمانية تعريفًا آخر، واعتبرت أن الإسلاموفوبيا هي “شكل من أشكال العنصرية موجه ضد التعبيرات أو المظاهر المرتبطة بالإسلام”. هذا التعريف، على الرغم من تبنيه من قبل بعض المؤسسات كبلديات وجامعات وكذلك حزب العمال، لم تحظَ به الحكومات المحافظة المتعاقبة بالموافقة.

زيادة جرائم الكراهية وتأخر التعريف الرسمي

وفقًا للباحثة ميشا إسلام من جامعة ساوثهامبتون، شهد العام الماضي تسجيل أعلى معدلات لجرائم الكراهية ضد المسلمين في المملكة المتحدة. ومع ذلك، أشارت إلى أن التعريف الرسمي للإسلاموفوبيا ما زال معلقًا، على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة منذ عام 2019.

وتعزو ميشا إسلام هذا التأخير إلى نقص الإرادة السياسية، مؤكدة أن غياب تعريف واضح يعيق عملية الإحصاء الدقيقة لحوادث الاعتداء والتمييز ضد المسلمين. بالإضافة إلى ذلك، أوضحت أن العديد من الحوادث لا تُبلغ عنها، مما يزيد من صعوبة الحصول على صورة كاملة للوضع.

تأثير الإسلاموفوبيا على حياة المسلمين

تشير التقارير إلى أن المسلمين في بريطانيا يواجهون أشكالًا متعددة من الإساءة، بدءًا من الاعتداءات اللفظية والجسدية في الأماكن العامة والمساجد، وصولًا إلى تصاعد أنشطة الجماعات اليمينية المتطرفة. هذه التهديدات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.

وتؤكد ميشا إسلام على أهمية أن يشمل أي تعريف فعال للإسلاموفوبيا كلاً من الأبعاد الفردية والمؤسسية. وتشمل الأبعاد المؤسسية التمييز المنهجي داخل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، حيث يمكن أن يكون له آثار كبيرة على فرص المسلمين في التعليم والتوظيف والعدالة.

الخلافات حول التعريف و نطاقه

تعتبر قضية تعريف الإسلاموفوبيا معقدة، نظرًا لاختلاف وجهات النظر حول نطاقها وتحديد ما يشكل تمييزًا على أساس الدين. يرى البعض أن التعريفات المقترحة واسعة جدًا وقد تؤثر سلبًا على حرية التعبير، بينما يرى آخرون أنها لا تزال ضيقة جدًا ولا تعكس كامل حجم التحديات التي تواجه المسلمين. ويتضمن الجدل أيضًا استخدام مصطلحات بديلة مثل “كراهية المسلمين” (anti-Muslim hatred) من قبل البعض (وهو مصطلح ثانوي مرتبط).

ويتفق الخبراء بشكل عام على أن التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا يتطلب جهودًا متضافرة من الحكومة والمجتمع المدني. ويتضمن ذلك تعزيز قوانين مكافحة جرائم الكراهية، وتوفير التدريب والتوعية للموظفين العموميين، ودعم مبادرات تعزيز التسامح والتفاهم بين المجتمعات المختلفة. و من المهم أيضًا معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، مثل الصور النمطية السلبية والخطاب المتطرف.

من المتوقع أن تعلن الحكومة البريطانية عن صيغتها النهائية لتعريف الإسلاموفوبيا بحلول نهاية الربع الأول من عام 2026. ومع ذلك، تظل هناك بعض الشكوك حول ما إذا كان هذا التعريف سينال قبول جميع الأطراف المعنية. وينبغي مراقبة التطورات المتعلقة بهذا الموضوع عن كثب، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على السياسات الحكومية ومكافحة جرائم الكراهية و حقوق الأقليات في المملكة المتحدة. و يجب أن يشمل أي تعريف بيانات دقيقة عن التمييز ضد المسلمين في مختلف المجالات.

شاركها.