تراجعت أسعار النفط في نهاية الأسبوع الماضي، متأثرة بتقييمات السوق لاحتمالية التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، مما قد يزيد من المعروض في سوق يشهد بالفعل فائضًا. يأتي هذا التراجع بالتزامن مع تقارير تشير إلى ممارسة ضغوط أمريكية على أوكرانيا للموافقة على شروط سلام قد تصب في مصلحة موسكو، وهو ما أثار شكوكًا حول فعالية العقوبات المستمرة.

انخفض سعر عقود خام غرب تكساس الوسيط لشهر يناير بنسبة 1.6%، ليستقر قرب 58 دولارًا للبرميل، مسجلاً بذلك تراجعًا في معظم جلسات التداول الأخيرة. ومع ذلك، شهدت الأسعار بعض التعافي بعد تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنه لن يرفع العقوبات عن روسيا طالما استمرت المفاوضات، وذلك بعد دخول قيود جديدة على أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا حيز التنفيذ.

ضغوط واشنطن وتأثيرها على سوق النفط

يرى محللون أن السوق بدأت ترجح إمكانية إبرام اتفاق سلام، خاصة مع تزايد الدعم الأمريكي الظاهر لهذه الخطة. وأشار غريغوري برو، محلل الشؤون الجيوسياسية لدى “أوراسيا غروب”، إلى أن المشاركين في السوق يستعدون لاحتمال التوصل إلى اتفاق، على الرغم من رفض بعض الدول الأوروبية الرئيسية لأجزاء أساسية من الخطة المقترحة.

أوضح ترامب في تصريحات لـ “فوكس نيوز” أنه يرى يوم الخميس موعدًا “مناسبًا” لأوكرانيا للنظر في خطة السلام التي تقترحها الولايات المتحدة. هذه التصريحات أثارت تساؤلات حول مدى التزام الإدارة الأمريكية بالعقوبات في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

تأثير العقوبات المتراجع

حتى في حال عدم التوصل إلى اتفاق، يساور المتعاملين في السوق شكوك حول التأثير الفعلي للعقوبات المفروضة على روسيا. وقد عززت تصريحات ترامب هذا الشعور، حيث يرى البعض أن الإدارة الأمريكية قد تتراجع عن اتخاذ إجراءات صارمة تؤثر على تدفقات النفط الخام والمنتجات.

وقد اتجه مستشارو تداول السلع نحو البيع على المكشوف بالكامل في خاميّ غرب تكساس الوسيط وبرنت، وهو ما لم يحدث منذ مايو الماضي، وفقًا لبيانات “بريدجيتون ريسيرش”. يعكس هذا التحول في المراكز توقعات بضعف الطلب أو زيادة المعروض في المستقبل القريب.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه العقوبات الأمريكية صعوبات في تعطيل واردات الصين من النفط الروسي والإيراني، مما يقلل من فعاليتها في الضغط على موسكو وطهران. وتسعى الصين إلى تنويع مصادر إمداداتها من الطاقة، وتعتبر روسيا وإيران شريكين مهمين في هذا السياق.

توقعات بزيادة المعروض من النفط

إذا تم إحراز تقدم في مفاوضات السلام ورفع العقوبات عن روسيا، فمن المتوقع أن يزداد المعروض من النفط في السوق العالمية، مما قد يؤدي إلى مزيد من الضغط على أسعار النفط. يأتي هذا في وقت يشهد فيه تحالف “أوبك+” ومنتجون آخرون، خاصة في أمريكا الشمالية، زيادة في مستويات الإنتاج.

تشير التقديرات إلى أن سوق النفط قد تواجه فائضًا كبيرًا في العام المقبل، مما يزيد من المخاوف بشأن انخفاض الأسعار. وارتفعت أعداد منصات الحفر المخصصة لاستخراج النفط في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، مما يشير إلى زيادة النشاط في قطاع الإنتاج.

في المقابل، حاول قادة فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة دعم موقف أوكرانيا من خلال التأكيد على ضرورة بقاء القوات المسلحة الأوكرانية قادرة على الدفاع عن سيادة البلاد. ورفضوا بعض العناصر الرئيسية في الخطة الأمريكية-الروسية لإنهاء الحرب، مما يعكس استمرار الخلافات حول مستقبل أوكرانيا.

بشكل عام، يظل وضع أسعار النفط معقدًا وغير مؤكد. يعتمد مسار الأسعار بشكل كبير على التطورات الجيوسياسية في أوكرانيا، وفعالية العقوبات المفروضة على روسيا، ومستوى الإنتاج من قبل “أوبك+” والمنتجين الآخرين. من المتوقع أن يستمر التذبذب في الأسواق خلال الفترة القادمة، مع ترقب المستثمرين لأي تطورات جديدة في هذا الملف. يجب متابعة تصريحات المسؤولين الأمريكيين والروس، بالإضافة إلى بيانات الإنتاج والمخزونات العالمية، لتقييم التوجهات المستقبلية لسوق النفط الخام.

من المرجح أن تشهد الأسواق مزيدًا من التقلبات في الأيام القادمة، مع استمرار المفاوضات وتباين الآراء حول مستقبلها. التركيز سينصب على أي إشارات جديدة حول موقف الإدارة الأمريكية من العقوبات، ورد فعل روسيا على أي تطورات في هذا الشأن. كما ستكون بيانات المخزونات الأمريكية والأخبار المتعلقة بالطلب العالمي على النفط من العوامل المؤثرة في تحديد اتجاه الأسعار.

شاركها.